مهرجان السينما الأفريقية الدولي بالخريبكة عرس السينما الأفريقية
مهرجان السينما الأفريقية الدولي بالخريبكة عرس السينما الأفريقية
أ. علاء الدين سعيدي
عاشت مدينة الخريبكة المنجمية على مدى ثمانية أيام بلياليها من 11 إلى 18 ماي 2024 فعاليات الدورة 24 لمهرجانها الدولي للسينما الأفريقية الذي يعتبر منارة من منارات السينما الأفريقية وهو طبعا من أعرق المهرجانات التي تحتفي بالسينما الأفريقية على خطى مهرجان قرطاج السينمائي طبعا. تتزامن هذه الدورة مع الذكرى 47 لتأسيسه لتعيش هذه المدينة التي استقبلت أكثر من 350 ضيف من داخل المغرب ومن خارجه ممن يهتم ويشتغل على تحقيق سينما أفريقية حالمة و متجددة بجمالية عالية تسائل عصرها وقضاياه لتكون هذه المناسبة لقاء الأحبة والاشقاء للاحتفاء بجديد السينما الأفريقية في أبهى تجلّياتها. فقرات غنيّة ومسابقات رسمية للأفلام القصيرة والطويلة وورشات و تتويجات وتكريمات وندوات ولقاءات منفتحة على المؤسسة السجنية وعلى سينما الطفل أثثت فعاليات هذه الدور في حضور كل المهتمين بالشأن السينمائي من ضيوف ومن شركاء أياسيين للمهرجان مثل المركز السينمائي المغربي والمجمع الشريف للفسفاط بالخريبكة و جهة بني ملال خنيفرة طبعا تحت إشراف مؤسسة المهرجان الدولي للسينما الأفريقية بالخريبكة التي يرئسها السيد الحبيب المالكي برعاية سامية لصاحب الجلالة الملك محمد الخامس.
عرس سينمائي إفريقي بإمتياز اجتمع فيه واحتفل صناع السينما الافريقيين ممن حضر لمشاهدة آخر الانتاجات التي نالت شرف المشاركة في المسابقتين الرسمييتين و مناقشة هذه الأفلام مع مخرجيها ومنتجيها ومع من شارك فيها بالأداء والتمثيل والغاية هي بلا شك دعم تبادل الأفكار والخبرات من أجل التطلّع إلى سينما إفريقية راقية من أجل تنمية ثقافية واعية بتحديات ورهانات مستقبل هذه السينما الأفريقية العالمية الطموحة.
تزيّنت المدينة ورقصت على إيقاع الموسيقى المغربية الشعبية والافريقية في مهرجانها الذي ولد من رحم الجامعة الوطنية السينمائية بالمغرب سنة 1977 ليجعل من السينما فرجة ووسيلة تثقيف مكرّسة بأن تكلّم زمنها و تتكلّم عن زمنهاو أن تقاوم هذا الزمن البائس على جميع الأصعدة و ذلك بإنتاج صور تعبّر عنا وتمثلنا في مجمل قضايانا الأفريقية والإنسانية.
مثّلت هذه الدورة فرصة إستثنائية للاحتفاء بالسينما المالية هذه السينما الرائدة إفريقيا و الحاصدة للعديد من الجوائز الأفريقية والعالمية. عرضت افلام مالية لنجوم السينما الماليين الذين تألقوا في محافل السينما الأفريقية والعالمية من أمثال سليمان سيسي و الشيخ عمر سيسكو و فوسيني مايقا وإبراهيم توري و غيرهم كثر طبعا. ليومين كاملين ونوقشت هذه الأفلام بما يليق بها و بتقاليد السينما المالية العميقة والمتنوعة التي تطوّرت على مدى عدة عقود .سينما المحافظة على التاريخ والثقافة و الهوية الوطنية كما وقع ايضا تكريم الممثلة الايفوارية ناكي سي سافاني تقديرا لمسيرتها الحافلة بإعتبارها أيقونة من ايقونات السينما الأفريقية. إشتغلت بالتلفزيون والسينما والمسرح الايفواري منذ كان عمرها 13 سنة وتوّجت مسيرتها بالعديد من الجوائز المحلية والعالمية ومنها جائزة أحسن دور نسائي سنة 1994 في أول مشاركة لها بمهرجان الخريبكة.
كرّمت هذه الدورة أيضا الممثل المغربي الكبير محمد الخلفي المسرحي الذي بدأ مسيرته الحافلة رفقة المرحومين الطيب الصدّيقي و أحمد الطيب لعلج وغيرهما و الذي يعتبر من مؤسسي المسرح الشعبي المغربي ومن أوائل الملتحقين بالتلفزيون المغربي سنة 1962 وكان له ايضا حضورا مميزا في بدايات السينما المغربية.
مهرجان الأربعة لجان ومنها اولا لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة التي ذهبت رئاستها إلى المخرجة المصرية والمتجة وكاتبة السيناريو هالة خليل والتي ضمّت أربعة أعضاء آخرين وهم على التوالي :
– الكاتبة والناقدة السينمائية المغربية عفيفة الحسينات
– المخرج والمنتج وموزع الأفلام النيجيري جان روك باتوديم
– المخرج الإيفواري غي ايميل كالو
– والكاتب المسرحي والمخرج الغيني سايدو بوكوم
تنافس على جوائز هذه اللجنة 13 فيلم من تونس و البينين و والمغرب و طوغو و بوركينا فاسو و مصر و زمبيا و كوت ديفوار و رواندا وكاميرون والسينغال.
وذهبت جوائز هذه اللجنة كما يلي :
الجائزة الكبرى ” عصمان سامبين ” لفيلم ” THE BRIDE” العروس للمخرجة الروندية Myriam Birara
الفيلم تدور أحداثه بعد ثلاث سنوات من حرب الإبادة التي تعرض لها ” التوتسي” بخطف الفتاة ” إيفا” الشابة التي تحلم بدراسة الطب و تخضع بالرغم عنها ل ” غيترورا” وهو شكل من الزواج التقليدي. إحساس التخلّي و الأرغام على قبول الوضع و اكتشاف التاريخ التراحيدي لعائلة الزوج و التمزّق بين المكوث او المغادرة خاصة بعد إرتباط ” إيفا” بإبن عم خاطفها.
وكانت جائزة لجنة التحكيم ” نورالدين الصايل ” للفيلم المغربي ” كأس المحبّة Le Verre de L’amitié ” للمخرج نوفل برّاوي والذي تدور أحداثه عن لعنات سنوات الرصاص التي لاحقت بعد عشرين سنة أحمد و زوجته سعاد و صديقهم رشيد ورفيق دربهم عبد السلام الذي ظهر بإسم نعيمة وهو يرقص في ” السويرتي” الذي حل بالقرية التى نزل بها الرفاق الثلاثة من أجل الاستمتاع بالشاطئ و بأشعة الشمس. وحاز هذا الفيلم ايضا على جائزة أحسن سيناريو ” سمير فريد” و ذهبت جائزة أحسن إخراج ” إدريساواودراغو” للفيلم التونسي – المغربي ” كواليس Blackstage” للمخرجين خليل بنكيران من المغرب و عفاف بن محمود من تونس الفيلم يحك عن مجموعة رقص تقوم بجولة فنية في المغرب. أحداث ليلة تيه وسط غابة بالاطلس تكشف فيها الكثير من الأمور بين عايدة وهاد شريكها في الحياة والفن خاصة. فيلم نال ايضا جائزة اقتباس عمل مسرحي ونجاح تحويله لفيلم سينمائي.
كما حصلت الممثلة الكاميرونية ” ستيفاني توم ” عن دورها كمحامية شرسة تجد نفسها في مواجهة أحد أكبر عمليات النصب في بلدها تورّط أمها و ابوها البيولوجي الذي لم تعرفه من قبل. الوفاء للقسم القانوني في مواجهة ما يمكن أن يحدث لها ولعائلتها الصغيرة. الفيلم بعنوان ” When thé Levees Broke” فيلم الممثلة الواحدة كخيار فنّي.
وحاز الممثل السينغالي ” أمادو ديوب ” جائزة ” محمد بسطاوي” لأول دور رجالي عن دوره في فيلم ” Le Mouton de Sada خروف سادا” الذي تدور أحداثه عن الأب ديوب الأربعيني الذي يعيش مع إبنه سادا وزوجته كومبا و خروف تريد الأسرة أن تضحي به بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك. علاقة حب بين سادا طفل التاسعة والخروف تترك بابا ديوب في مواجهة إيجاد حل لهذه المعضلة.
ثانيا لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة والتي ترأستها الجامعية والاكادمية التوتسية سونية الشامخي الأستاذة المحاضرة في المدرسة العليا للسمعي البصري بجامعة قرطاج و التي ضمت عضوين آخرين وهما الناقد والباحث السينمائي المغربي فرقزيد بوشتي و المخرج م. يعقوبة حمني بايداري من النيجر.
ذهبت جوائز هذه اللجنة إلى:
جائزة لجنة التحكيم ” نحيب عياد ” للفيلم القصير ” WolonWula” من مالي للمخرج Foysseyni Maïga الذي تدور أحداثه عن فتاة ذات الثامنة والعشرين والحاملة منذ أن كان عمرها إحدى وعشرين تجد.نفسها مطرودة من عائلتها ومرفوضة داخل قريتها لتلجأ في الاخير إلى عرّاف سبعيني يدّعي تلقيه وحي ينبأ بولادة عسيرة للطفل الحاملة به.
ونال ايضا الفيلم القصير الروندي ” A wingless bird that flies” جائزة تشجيع والإشادة وهو للمخرج الشاب Remy Ryumugabe و تدور أحداثه حول الحرمان من الحب في عالم كلّه عراقيل وتسود فيه الخيانة على قيم الصدق وكيف علينا أن نجد الكلمات المناسبة التي تعبّر عن هذه الحالة بدقة من أجل المقاومة و الأمل في التغيير.
وتنافس في هذه المسابقة 14فيلم قصير من تونس ومصر والمغرب و روانداو نيجيريا والسينغال وبوركينا فاسو ومالي و طوغو و كوت ديفوار و جمهورية الكونغو الديمقراطية والبنين.
وجاء الفيلم القصير التوتسي ” La Quarantaine الأربعين ” للمخرجة التونسية سناء الجزيري المقيمة في فرنسا من فكرة مقتبسه من قصة قصيرة بنفس العنوان للكاتبة التونسية آمال مختار عن قصة فاطمة التي تقرر ذات صباح التوقف عن القيام بواجباتها العائلية والمهنية وذلك بإخبار زوجها بدون تردد أن عليه أن يتحمل مسؤوليته بالقيام بالاشغال اليومية مكانها. انهيار تنبه بعده إلى نفسها وهي تتعدى عتبة الأربعين.
أما اللجنة الثالثة فهي لجنة تحكيم دونكيشوط والتي ترأستها الكاتبة العامة للنادي السينمائي بالخريبكة و التي ضمت السيناريست المغربي محمد حافظي و المخرج المغربي محمد سعيد زربوح وذهبت جائزتها ” دون كيشوط” الخاصة بالجامعة الوطنية للاندية السينمائية بالمغرب إلى الفيلم المغربي ” صمت الكمتجات ” للمخرج سعد الشرايبي حول حفصة الشابة ذات الثامنة عشر، العمر الذي يكون فيه كل شيء ممكن حيث تفتح لنا الحياة أبوابها.
يعيش الحاج علال جدّها المسيقي المتميّز ومعلّمها أيامه الأخيرة مشلولا لكن برغبة جامحة من أي وقت مضى في إستغلال لحظاته الأخيرة من أجل أن يجعل من حفيدته حفصة وريثته الموسيقية.
و ضمّت اللجنة الرابعة وهي لجنة تحكيم النقد السينمائي التي ترأسها الناقد السينمائي يوسفا حليدو هارونا من النيجر و ضمت الكاتبة والمخرجة والمتتجة والتاقدة السينمائية الكامرونية اليز كلميني و والتاقدة السينمائية المغربية ليلى الشرادي . هذه اللجنة كلن لها دور اساسي في تحكيم بعض الجوائز آتي ذكرت سابقا.
حدث إستثنائي انتصرت فيه الثقافة والإبداع والسينما الأفريقية المتفرّدة على مدار أسبوع كامل. تجربة إنسانية نجحت بلا شك في إظهار تنوّع وغنى السينما الأفريقية فشكرا لكل القائمين على هذا المهرجان العريق الذي نأمل له مزيد التألق والاشعاع والامتاع.
عاشت السينما الأفريقية المتفرّدة على أمل تجديد اللقاء مع الخريبكة مجددا بمزيد من التألق والنجاح
صحفي تونسي من باريس
