مقالات كل العرب

محنة الحلبوسي

شارك

محنة الحلبوسي

أ. صباح الزهيري

المنذر بن النعمان بن امرئ القيس، ورث من ابيه وكالة كسرى على ابناء عمومته العرب في الجزيرة والعراق، وأمامه كان الغساسنة قد حازوا وكالة الرومان على أهلهم قبيلة كلب الشامية وعرب غرب العراق.
بلغت الحيرة في عهده مبلغا عظيما وصار لها اسم في التاريخ، وعظمت شوكته، الى الدرجة التي أجبر فيها كهنة الفرس على تتويج بهرام جور الذي رباه أبوه النعمان على حساب مدع قوي آخر للعرش الفارسي، فعندما مات يزدجرد، فرح الناس بوفاته وقرر الأشراف والموبذان والمرازبة صرف الملك عن أسرته لسوء سيرته في الناس، ونصبوا شخصًا آخر مكانه، فلما رأى بهرام ذلك, طلب مساعدة المنذر, فأرسل المنذر قوة بقيادة ابنه النعمان، وسار هو على رأس قوة أخرى قوامها ثلاثون ألفًا من فرسان العرب، ومعه بهرام, وبعد مفاوضات وافق الفرس على خلع من نصبوه كسرى عليهم وتعيين بهرام بدله وبفضل هذه المساعدة اعاد التاج فوق رأسه، وقد شارك في الحروب اتي قامت بين الفرس والروم، وعندما حاصر الروم نصيبين أسرع بهرام لإنقاذها ومعه المنذر، كما غزيا بلاد الروم واحرقا وخربا وسبيا فيها، حتى ان النعمان كان يهدف لفتح القسطنطينية.
كان داهية مقداما، وهو باني مدينة النعمانية على ضفة دجلة اليمنى، وصاحب يوم البؤس والنعيم، كان النعمان الملقب بأبي قابوس يحب ألوان شقائق النعمان وأمر بحمايتها وبزراعتها حول قصره الخورنق، وبحسب اسطورة يقال انها نبتت على قبره بعد ان داسته الفيلة على يد علوج كسرى فعرفت بإسمه.
وقد استسمح النابغة الذبياني الملك النعمان قائلا:
أتاني أبيتَ اللعنَ أنكَ لمتني
و تلكَ التي أهتمّ منها وأنصبُ

فبتُّ كأنّ العائداتِ فرشن لي
هراساً، به يُعلى فِراشي ويُقْشَبُ

حَلَفْتُ فلم أترُكْ لنَفسِكَ ريبَ
ليسَ وراءَ اللَّهِ للمَرْءِ مَذهَبُ

لئنْ كنتَ قد بُلغتَ عني وشايةً لَمُبْلغُكَ الواشي أغَشُّ وأكذَبُ

ألمْ ترَ أنّ اللهَ أعطاكَ سورة ً
ترى كلّ مَلْكٍ دونَها،يتذَبذَبُ

فإنكَ شمسٌ والملوكُ كواكبٌ
إذا طلعتْ لم يبدُ منهنّ كوكبُ

و لستَ بمستبقٍ أخاً ، لا تلمهُ
على شَعَثٍأيُّ الّرجال المُهَذَّبُ؟

فإنْ أكُ مظلوماً؛ فعبدٌ ظلمتهُ
وإنْ تكُ ذا عُتَبى ؛ فمثلُكَ يُعتِبُ.

مشكلة النعمان انه صدق بأنه كان ملكا، واحب أن يمارس سلطته بأن ينصر قيم اهله العرب ويتحدى من أجلسه على العرش، فكانت نهايته.
لم يستفد الحلبوسي من قصة وكالة النعمان، بل زاد على وكالة الفرس، وكالة الرومان (ألأميركان) وأضاف اليهما وكالة العرب (الخليج ورئاسة مجلس البرلمانات العربية)، وهو أمر يستحيل التوازن فيه، فكان أن سقط بقرار فارسي وهو على كرسي الرئاسة، لم يمهله حتى ليستعيذ من الشيطان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى