مقالات كل العرب

ورشة للخط العربي في مكناس بالمغرب

شارك

ورشة للخط العربي في مكناس بالمغرب

أ. حسن حمادي

تأتي هذه المبادرة في إطار تنزيل البرنامج السنوي لمؤسسة التفتح للتربية و التكوين الامير عبدالقادر بمكناس بغية الانفتاح على الكفاءات و التجارب المتميزة للأساتذة المبدعين. و بطلب من أطر وإدارة المؤسسة . 

مع زيادة الطلب على العديد من المجالات الفنية بشكل عام و الخط العربي بشكل خاص, حيث أن المنظومة أصبحت تعاني  من رداءة الخط عند المتعلمين الشئ الذي بات يعيق مصارهم و خاصة في السنوات الإشهادية , حيث أصبحت رداءة الخط تشكل نسبة عالية … تصل أحيانا إلى استحالة قراءتها و فك رموزها …و هذا فقط فيما يتعلق بالكتابة العادية في التواصل و كتابة الدروس … مع أن هذا المجال هو مجال فني بامتياز و يعتبر رمزا ثقافيا في العالم العربي و الإسلامي . ولا آدل على ذلك إدراجه من قبل منظمة اليونيسكو على قائمة التراث العالمي اللا مادي بتاريخ 15 دجنبر 2021  .

لكن وفي ظل التكنولوجيا و الكتابة الرقمية التي عطلت الأقلام و أوقفت العلاقة المباشرة مع أشكال الحروف و تراكيبها و التفاعل مع القلم و الورقة … ليفسح المجال أمام الألواح الرقمية و الهواتف الذكية و الحواسيب، فالكتابة العربي لطالما وصفت بأنها تشكيل فني يتميز بالتناسق و الجمال. 

 و هنا نذكر قول الفنان الإسباني بابلو بيكاسو : (ما من نقطة أردت بلوغها في الفن إلا و وجدت الخط العربي الإسلامي قد سبقك إليها) .

و من الإشارات الجميلة التي وجب ذكرها هو وجود أقوال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه تحت على تعليم الصغار الخط و تحفيزهم على تجميل الكتابة بقوله : ’’ علموا أبنائكم الخط فإنه من مفاتيح الرزق ’’ و قال أيضا ’’ علموا أولادكم الكتابة فإنها من أهم الأمور و أعظم السرور’’ , ’’ الخط الجميل يزيد الخط وضوحا ’’ . كما قيل أيضا : (تعلم الخط يا ذا التادب فما الخط إلا زينة المتأدب، فإن كنت ذا مال فخطك زينة وإن كنت محتاجا فخير مكسب). (الخط للأمير كمال و للغني جمال و للفقير مال).

مثل هذه الأقوال و غيرها كانت موضع تأمل و تدارس مع تلاميذ مؤسسة التفتح الفني و الأدبي الأمير عبد القادر التابعة للمديرية الإقليمية للتربية و التكوين بمكناس … كما تم تقاسم عدة معارف و مهارات مع المستفيدين بشكل تفاعلي عرف انخراط  كل المتعلمين بحب و شغف و حماس مبرزين رغبتهم الكبيرة في اكتشاف هذا المجال الفني المتميز و النبش في خصوصياته و مميزاته و الوقوف عند بعض محطاته التاريخية في رحلة مشوقة ساقتنا إلى الحديث عن تطور الخط و الكتابة من القديم إلى الآن و التعرف على بعض الرواد و الأعلام و الخطاطين الذين ساهموا في تحسينه و تطويره ليصلنا بالشكل الذي هو عليه الآن . 

تناولت الورشة بداية بعض خصوصيات الكتابة العربية لكونها تبدأ من اليمين إلى اليسار كما ان كتابتها سلسة ومسترسلة وتتميز وجمالية خاصة… وتم بعدها تصحيح بعض الأخطاء الشائعة في كتابتنا الإعتيادية والعمل على تبني الصواب منها في كتابتنا المستقبلية. كما تم لفت انتباه المتعلمين الى أن جل كلمات اللغة العربية تكتب متماسكة إلا من وجود ستة حروف هي التي تقطع الكلمات… وفي هذا إشارة إلى أن الحروف العربية اجتماعية في طبعها إن صح التعبير. تتماسك فيما بينها في الغالب بل أنها تتكامل جماليا وتتراكب خدمة لجمالية الكلمات إلى درجة أن هناك حروف تتنازل لبعضها البعض ويحمل بعضها البعض ويتكأ أحدها على الآخر وغير شكله ليحسن تجاوره مع ما قبله أو ما بعده من الحروف… ولخصنا هذه الظاهرة في مصطلح (الاتفاق) ثم إلى مفهوم (الاشتقاق) الذي جعل التلاميذ يكتشفون أن الحروف العربية غالبيتها مشتقة من بعضها وتتشابه في بعض أجزائها . الشيء الذي جعلها متجانسة ومتناسقة وهذا ما يأخذنا إلى مفهوم (الاتساق). ثلاثة مصطلحات كانت قد أثارتني في مداخلة للدكتور محمد عبدالحفيظ خبطة الحسني حول بعض أسرار الكتابة العربية… هذا الانسجام والاتساق دفع الفنان العربي المسلم إلى جعلها تناسقات وانسجامات متعددة تولدت عنها أنواع كثيرة من الخطوط العربية كانت للمتعلمين فرصة التعرف عليها . أو بالأحرى التعرف على أشهرها وأكثرها استعمالا وهي: الكوفي. الثلث. النسخ. الرقعة. الفارسي. الديواني و الديواني الجلي… مع التركيز على الخط المغربي وإبرازه وبيان أنواعه الخمسة المعروفة: الكوفي المغربي. الثلث المغربي. الخط المغربي المبسوط. الخط المغربي المجوهر. الخط المسند أو الزمامي. 

وفي سياق الورشة تم عرض نماذج خطية وتشكيلية تتضمن حالات متنوعة لتوظيف الخط العربي وأنواعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى