مقالات كل العرب

فلسطين تأتي بالتاريخ

شارك

فلسطين تأتي بالتاريخ

أ. غصون غانم

ماذا لو أتتنا فلسطين بالتاريخ وجئ بالرموز والرسوم والنقوش والالواح المسمارية والاعمدة والهياكل والنعوش وخرج منها كنعان سيداً ؟

ماذا لو دخلنا متاحف النهب والاستعمار ونظرت التماثيل والرؤوس والآثار المنهوبة وخرجت عن صمت حروفها ونقشها وأشارت لنا بالبنان : أحفادي، أهل أرضي من نقشي وحجري ورمزي من نقع تاريخي وصلدي من لوح طيني وفخاري وقشّي، عندها سنعود للتاريخ الطبيعي والايقاع الطبيعي وستتقدم ساعة التاريخ البشرية والحضارية، لو لم يُسرق التاريخ والوثائق والمخطوط والحقائق والتراث والاثواب وأكلات الجدات:
حتماً لأتتنا فلسطين على عرشها سيدةُ الممّلكات . .

كل شئ من أساطير القومية الإسرائيلية مفقود منذ البداية : الأرض، اللغة، وحتى المرجع الديني جزئياً، ليست سوى إنثروبولوجيا ومدونات الفكر السياسي والفلسفة وبحوث الدين، وما كتب التاريخ القديمة والمقدسة إلا لأثارة فتنة الحق الآلهي في فلسطين لشرعنة الأستيطان بالانتساب لأنبياء الله وأُطلق إسمها التوراتي (يهوداوالسامرة) وفي نشوة النصر تفترض (إسرائيل الكبرى) في حين لا يتمكن أي إسرائيلي حديث ينحدر عرقياً من أعراق آسيوية وأوروبية من تتبع أصله في أرض إسرائيل القديمة.
وعن العهد الجديد تأتينا دير ياسين بالتاريخ تطل علينا بيوت الفلاحين وشجر الزيتون وقد اجهظت حباتها بنوّاره عندما شنت منظمات الذراع العسكرية الصهيونية المعروفة باسم “هاغاناة” “إرغون”  “شتيرن ” هجماتها الأرهابية بحق أصحاب الأرض الاصليين السكان الفلسطينين وقتلهم وطردت الباقي في مجازر دامية يندى لها التاريخ الوطني لأي دولة، وذلك قبل إعلان إسرائيل إقامة الدولة اليهودية فوق شعب ولحم ودم وأرض فلسطين، هذه العمليات التي وسمت بالفظائع والشراسه حيث مارست أيديولوجياتها الارهابية والاجرامية بدعم من الحركات السياسية الدينية المتطرفه والعلمانية التي شاركت في العمل المسلّح لتأسيس قوميتهم؛ ووسمت هذه المنظمات بصفة الإرهابية من قبل صحيفة نيويورك تايمز ومن قبل اللجنة الأنجلو أمريكية للتقصي إضافة الى شخصيات بارزة عالميا، هذه المنظمات المتجذرة في تاريخ الدولة اليهودية ومعها قوات جيش الدفاع ترى بأنها تقوم بتلك الاعمال بدافع حماية أرض اسرائيل الميعاد وأعطت لنفسها مهمة إنشاء إسرائيل الكبرى ولم تتردد أبدا في تحقيق هذه المهمة باللجوء إلى الإرهاب. عند فتح الأرشيف الإسرائيلي الحكومي والخاص، الذي يغطي الفترة ما قبل وبعد النكبة والذي لازالت اسرائيل تخفي وقائعه وشهاداته وتحّرف حقائقه هي نفس الحقيقة التي هزت كيان وزير الزراعة الاسرائيلي أهارون زيسلنج ودفعته ليقول لمجلس الوزراء الإسرائيلي في17نوفمبر/تشرين الثاني1948 :
《لم أستطع النوم طوال الليل شعرت أن الأشياء التي كانت تحدث كانت تؤذي روحي وروح عائلتي وكلنا هنا، والآن يتصرف اليهود أيضًا مثل النازيين واهتز كياني بالكامل》، وهي نفس النازية التي تملأ زعيم المتطرفيين اليهود (نتنياهو) عند وصفه للمنظمات الفلسطينية التحررية بالحركات الارهابية والمتطرفه مستوحي من العداء البغيض من قِبل اليمين المتطرف المتدين للمنظمات كافة الدينية والعلمانية ومنها منظمة التحرير الفلسطينية ومهندسيها التي لوحقت  بلإغتيال والنفي، متوعداً الأذرع العسكرية الفلسطينية والمقاومة الشعبية متجاهلاً قذائف جيشه وعجلات مراكبها التي نكلت بالجثث منذ تاريخ ما قبل النكبة والى الآن هي من أخرجت المقاوم من رحم أمه حاملاً للسلاح بيد وملوحاً بالكوفية بلأخرى. ويحملق بعدائيته الشديدة لكل رمزية فلسطينية ولكل جبهاتنا الفلسطينية منها رمزية السيادة المتمثلة بالسلطة الفلسطينية ولكي يتجنب الوقوع في مطب الحلول النهائية لا يكِل عن جرها لمطب الحرب لإزالة العائق الكبير من أمامه فهي التي تطل عليه من شرفة القدس ملوحة بالاستقلال الفلسطيني والسيادة باعتبارها رمز الدولة الفلسطينية القادمة ، وكونها للفلسطينين والعالم العربي أجمع تمثل حلقة النضال الاوسع والإطار الأجمع الذي تشكل كزخرفيه للعمل النضالي والكفاح الطويل لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية معقلاً من معاقل الصمود وآخر المعاقل وأول الرصاص . ويرومه قدّ قميص القومية العربية بلاستعانة بامرأة العزيز أمريكيا وقد بدأ بمكيدة أخوة يوسف من أجل البدء بالتحضير للأطلس اليهودي الأكبر ومملكته اليهودية بخرائط تاريخيه دينية تسند على مصادر كتابية بلا أي دلائل مادية ولا أثرية ، وتستمر أسطورة السلام المنشود بوقفة تأمل كبيرة ووصلة صمت وحداد كبيرة، كأنشودة في ملحمة في غير مكان من هذا العصر في عصور الاسطورات الخيالية والتاريخية .

كاتبة من فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى