مقالات كل العرب

الأسرى الفلسطينيون يحلقون في كتاب كل العرب

شارك

الأسرى الفلسطينيون يحلقون في كتاب كل العرب

الكاتب : نسيم قبها

لقد كان طبيعيا أن تلعب مفردة «الوطن»، في الثقافة العربية والفلسطينية المعاصرة خاصة ، دوراً في تطبيع وتطويع سياسات وخطابات ومقالات وكتابات جيل ما بعد النكبة وما قبلها بثلاثة عقود ، وحتى اليوم وغدا ، لأن قيمها وقوانينها وطرائقها الإنسانية والثورية والواقعية والتحررية مستقاة من الأرض المكلومة نفسها، والتي تلتصق بها جباه الناس كلهم ، أسيرهم وطليقهم ، عاملهم وفلاحهم ، مدنيهم وقرويهم ، ذكرهم وأنثاهم ، صغيرهم وكبيرهم ، يمينهم وشمالهم من الشعب الفلسطيني المستمر في ديمومة قضيته .
لقد أتت هذه الاستعارة الخطابية لزاما في معنى نموذج التحرر الوطني القائم على تقليد واع ، ثقافيا اجتماعيا سياسيا غير منقطع عبر قرن متواصل من التاريخ الشقي الفريد في آلامه على فلسطين وأهلها.

لقد تكفلت مؤسسة كل العرب بمبادرة الزميل علي المرعبي في باريس ، بطباعة هذا الكتاب وتوزيعه باعتبار ذلك واجبا قوميا وطنيا ، في نقل رسائل الأسرى الفلسطينيين من داخل سجون الإحتلال الصهيوني في كتاب ( حروف على جدران الأمل) رغما عنه ، نقل معاناتهم وأحلامهم التي تماهت بين الأحكام المجرمة التي وصلت إلى المؤبدات المضاعفة ، ليس لشيء إلا لخوف السجان من الغد المحتوم عليه بالتلاشي والإنقراض ، أمام الحق الفلسطيني الذي لن يبارح ترابه التاريخي المروي بشهداء الزمن.

إن الكتاب الذي تشرفت بالإشراف على إعداده نسيم قبها ، وراجعه لغويا كل من غادة حلايقة وذياب نبهان ، وساعد في جمع نصوص الأسرى كل من حسن عبادي ، ومنار خلاوي وغصون غانم ، والتصميم والإخراج لؤي المرعبي ، ولوحة الغلاف للفنان التشكيلي عادل ناجي ، والذي يقع في ( 180 ) صفحة من القطع المتوسط، والذي يحوي كتابات أكثر من ثلاثين أسيرا فلسطينيا فحلا ، وأسيرتين نضاختين أكبر من محيط سجونهم الزائلة ، بين المقال والشعر والقصة والخاطرة والأمل والألم ، والذي قدمت رسالته التضامنية بكل حب وواجب ، الأديبة والمحامية الجزائرية أنيسة بومدين أرملة الرئيس هواري بومدين ، ما يعني أن الكتاب فلسطينيا عربيا ، تحرريا عالميا ، لا ينضوي على كتابات الأدب ، بقدر ما يبعث برسالته السياسية إلى هذا العالم الأعوج ، مفادها أن الإحتلال الصهيوني الهمجي لا يرقب في الشعب الفلسطيني المسجون ( كله) في سجنه المقيم إلا ولا ذمة ، ناهيك عن السجن الصغير في بنائه ، الكبير في داخليه من الأسرى الذين يعطون العالم من خلال هذا الكتاب درسا في معنى أنسنة الإنسان الغائبة ، وهم ينظرون إلى ممارسات الإحتلال الصهيوني بحق شعبهم ، قبل أن يتحدثوا عن حريتهم التي قدموها وفاء لقضية فلسطين دون تردد ، وكل ذلك والعالم يتباكى على الموت الأبيض ، فيما فلسطين تموت كل يوم؟!.
إن ( كتابات خلف القضبان) التي دونت في كتاب كل العرب لمجموعة من الأسرى الفلسطينيين ، ما هو إلا أيقونة في محاولة إلى تفكيك المشاعر الملبدة عند هذا العالم الغريب عن بشريته ، والذي يمعن في صقل الظلم كوجهة نظر ، وما قضية فلسطين إلا أنموذج واضح من الترسانة الغبية لمواقف الإمبريالية الساقطة في ديموقراطيتها المدعاة.
سنحتفي جميعا وقريبا ، في حفل إشهار الكتاب في باريس وفلسطين وعمان ، وسيتم توزيع الكتاب على مختلف الأقطار العربية متمنيين منكم كواجب حين وصول الكتاب بين أيديكم ، أن تقرؤوه بعقولكم قبل قلوبكم ، وأن تجودوا على أطفالكم بقراءة ما تيسر من رسائل الكتاب المؤلمة ، ليعرفوا ماذا يعني الوطن؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى