مقالات كل العرب

نورالدين بن عياد.. فارس الكوميديا الذي صنع ذاكرة كاملة من الضحك

نور الدين بن عيّاد… فارس الكوميديا الذي صنع ذاكرة كاملة من الضحك

أ. رجاء السنوسي

برحيل الممثل التونسي القدير نور الدين بن عيّاد في 23 نوفمبر 2025، تخسر الساحة الفنية أحد أبرز وجوهها وأكثرها قربًا من الجمهور. رجل دخل البيوت التونسية دون استئذان، وترك فيها بصمة خاصة لا يمكن محوها، بفضل حضوره الطاغي وأدواره التي أصبحت جزءًا من الذاكرة الجماعية.

طفولة وبدايات
وُلد نور الدين بن عيّاد في 7 أوت 1952، ونشأ في بيئة تونسية بسيطة جعلت حسّه الكوميدي قريبًا من الناس وقادرًا على التقاط التفاصيل اليومية وتحويلها إلى ضحك صادق. انطلق في المسرح منذ شبابه، وكانت الخشبة أول مكان احتضن موهبته، قبل أن ينتقل إلى التلفزيون ويحقق شهرة واسعة.

تألق في زمن صعب
صنع بن عيّاد نجوميته في فترة التسعينات، وهي حقبة كانت فيها الدراما التونسية في أوجها. ظهر في عدة مسلسلات تركت أثرًا واضحًا لدى المشاهدين، منها:

العاصفة_الحصاد_غادة_يحب يستحسن_صحن تونسي_خاطيني
حكايات منوّر_جاري يا حمّودة… العمل الذي رسّخ اسمه لدى جيل بأكمله.
كان يتمتع بقدرة خارقة على تقمّص الشخصيات الكوميدية الشعبية، تلك التي يرى الناس أنفسهم فيها، فيضحكون لأنهم يعرفون هذا الشخص في الواقع أو ربما عاشوا معه مواقف مشابهة.

رجل المسرح… مدرسة خاصة

رغم شهرته التلفزيونية، ظل المسرح بالنسبة إلى بن عيّاد وطنًا فنيًا لا يغادره. قدّم أعمالًا ناجحة مثل:كاتب عمومي_أولاد الحلال_درجّح درجّح يا درجيحة

وفي السكتشات التلفزيونية، أبدع في أعمال لا تزال متداولة إلى اليوم، مثل مسمار مصدّد، حديقة الحيوانات، والعرافات. كان يمتلك أسلوبًا مبنيًا على الارتجال الذكي، وعلى قراءة اجتماعية دقيقة للواقع التونسي.

حضور إنساني قبل أن يكون فنيًّا
ما جعله محبوبًا ليس فقط ما قدّمه أمام الكاميرا، بل ما كان يحمله خارجها: طيبة، تواضع، وابتسامة ثابتة. لم يكن يلهث خلف الأضواء، بل كانت الأضواء تأتي إليه. وكل من عمل معه يذكر أخلاقه العالية وروحه المرحة.

إرث لا يُنسى
ترك نور الدين بن عيّاد رصيدًا ضخمًا من الأعمال التلفزيونية والمسرحية التي ما تزال تُبث وتُضحك أجيالًا جديدة. وبفقدانه، تخسر تونس أحد الوجوه التي صنعت الكوميديا المحلية بصدق وبأسلوب نظيف وقريب من القلب.

رحل الفنان، لكن الشخصيات التي جسّدها ستبقى حيّة…
ستبقى ضحكته حاضرة، كأنها تقول لنا إن الفن الحقيقي لا يموت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى