مقالات كل العرب

رفعت نخب نجاتي

شارك

رفعت نخب نجاتي..

نيسان سليم رأفت

بعد أن رفعت نخب نجاتي لثاني حرب
ولجمت بالصبر  خيول أيامي التي لا تروّض  .
وما تلملمت  . إلاَّ بعد  أن غسلتني بماء الورد نائحات  المقابر العمودية
تشد ما بقي من قليلي نحو شطوطٍ
لا أعلم وجهتها  .
أحصي ثراء  سنواتي من قصور  الرمل
وهوان البلاد
——
تركت كل شيء في مكانه على أمل الرجوع.
حملت  القائظ  من ربيعي  .
حقائب وبعض مقتنياتي وكتب ،
ودفاتر خطّ فيها  أبي كلماته ،و رسائل خالية من النقط ، ومفاتيح  دسست واحدًا منها في أصيص النعناع، وآخر علقته على غصن الصفصاف العجوز،
اما الثالث ما زال يسكنني في دياري الأخيرة،  لم أكن بخير طيلة السنوات الماضية،
وأنا أشدّ الرحال طائراً لا مكان يحطّ فيه
أتنافس مع الوقت .. ماكنةٌ  لا تنطفئ،
في المساء  أحمل ثعالب أفكاري الماكرة أدسها في أوكار  روحي المهدمة
وعند  الفجر  تلبس الريح صوتي
ترددّ أسمه  في غرف لا تعيد الصدى
—//
تحاصرني الحرب من كلّ الجهات ،يتمدد  الموت بداخلي  ،أتوسل جنياتِ الظلام
لتعيد شموس أيامي التي تسطحت عند  البيوت التي هجرتها .
مثل سلحفاة أطالع سرب الحمام
أشتهي خفته لا حبيب يقطع عليه رحلته
ولا وطن يكسر جناحه .
——
كتبت في الماضي عن كل شيء،
عن الحب الذي يربك أهله، عن الشياطين التي هجرت روحي، كتبت نصوصاً جيدة وأخرى بلا طعم، وكتبته  ظلّاً مجهولاً،
تحت المطر وبين الخناجر ،
كتبت كثيراً لمجرد الكتابة ،
أشعر أني امرأة  كهلة  كاتبة متمردة ناقمة من نجاتي.
——
لا رغبة لي بالخروج من غرفتي، أريد أن أترك ملابسي على الأرض، أضع الكثير من الكحل وأحمر الشفاه، لا أخاف حين أغافل حيائي وأشرب كأس كاستيلو دي تريفي الأحمر، أخرج من غرفتي أمشي على رؤوس أصابعي، أرقص البولكا وأدع الجدران تدور بي، لعل الخيال يتوهج حين يراقصني فرونسكي، ولن أبالي بزعل آنا كارنينا، فكل خائن يُخان.
—-
وهكذا، في آخر الليل، حين أضع رأسي على الوسادة، تحتشد الأسئلة، وما من جواب ،
أحاول أن أكتب اسمه، كأني أنادي عليه، ثم أتراجع، يتلقفني الليل كحارس أمن معاق، أصارع لجّة الأرق، حتى إذا قارب الفجر على الانفلات، وجدتني في لقطة ختامية لم تكن جزءاً من السيناريو، لقطة غريبة كأنني بها أودع الحياة وأودعه
في المشهد الأخير،
أفارق الحياة بسخرية من عبثيتها، أستسلم وعلى وجهي ابتسامة رضا وامتنان لجهلي بالأجوبة، مكتفية بالأشواط الإضافية، ولتكن النهاية استسلاماً مع مرتبة الشرف لأمة بلا شرف.
——

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى