مقالات كل العرب

ذكرى إحتلال العراق للكويت

شارك

ذكرى إحتلال العراق للكويت

د. علي القحيص

تمر الذكرى الثلاثة والثلاثون لاحتلال الكويت من قبل العراق في الثاني من أغسطس عام 1990، ولا زالت المنطقة تدفع ثمن و تداعيات تلك المسألة التي تعرضت لها الأمة العربية والمنطقة كلها من إنقسام ،حيال تلك الغلطة التي ارتكبها الرئيس الراحل صدام حسين.
ومهما تكن التبريرات والأسباب لتلك الانتكاسة الكبيرة والمفاجاة الموجعة، التي دفع ثمنها العرب كلهم ، حين خسروا أكبر قوة عسكرية عربية و إقتصادية مؤثرة ورادعة.
وبعد خروج الجيش العراقي منهكا من حرب استمرت ثمانية سنوات مع إيران، استدرج العراق من قبل قادة اجانب وعرب لدخول الفخ ، لغزو الكويت، لكي تدمر القوة العسكرية العراقية ويحل الجيش الجيش العراقي ومؤسساته العسكرية، وتألب آراء الشعوب والمجتمعات ضد شخصية صدام حسين ، التي كانت قوية ومهابة ومحبوبة لدى الجماهير العربية التي ترى فيها بأنه الرجل المهاب المنقذ والمدافع عن حقوق العرب وحمايتهم.
ومنهم من قال ان السفيرة الأمريكية في بغداد (غلاسبي)، أبلغت صدام حسين ، في مقابله معه بتاريخ 25 تموز 1990، في بغداد بعدم تدخل أمريكا في الخلاف، مما سهل وجعل العراق يفكر بدخول الكويت، بينما السفيرة الأمريكية في مقابلة مع صحيفة الحياة عام 2008، قالت حذرت صدام حسين من غزو الكويت بشدة ومرات عديدة،  وقلت له الرئيس بوش يقول لك ارفع يدك عن الكويت! وبعد ذلك نشر العراق المقابلة المسجلة بصوتها تتنافى مع هذا الطرح والقول والإدعاء تماما، وتوكد المقابلة المسجلة أنها لم تتطرق لهذا الأمر بتاتا.
وتسربت برقية صادرة من السفارة الأمريكية في بغداد تحمل رقم 4537 في آخرتموز 1990م، موجه إلى وزير الخارجية الأمريكي والسفارة الأمريكية في القاهرة، ونسخه منها الى بعض الدول الخليجية ، أيضا تناقض حديث المقابلة المسجلة للسفيرة الأمريكية، وكذلك مقابلة المترجم العراقي الذي ترجم المقابلة مابين صدام حسين والسفيرة الأمريكية في بغداد ينفي ماقالته السفيرة الأمريكية !
وبعد مرور 33 عاما على إحتلال العراق للكويت، لازال الناس مختلفين حول هذه الأزمة والكارثة التي حلت بالمنطقة كلها ، فمنهم من حمل السفيرة الأمريكية المسؤولية ومنهم من يحمل بعض الشخصيات الخليجية أو العربية ، بإفتعال وسبب دخول العراق للكويت، ومنهم من يقول إن بعض الشخصيات العربية والخليجية حاول انتزع فتيل الأزمة وحلها ولكن العراق رفض ، أو أن الكويت إعترضت ، إلا إن هناك من أراد شرا بالعراق والكويت معا.
ومنهم من قال هناك من يريد أن ينتقم من العراق لأنه يطلبه بثارات قديمة ،بينما ذهب الآخر انه يريد أيضا إن ينال من الكويت بسبب مواقف شخصية من حكامها، أو بدافع الغيرة والحسد والبغضاء والدسائس!
ومابين مؤيد ومعارض لقرار صدام حسين المفاجيء ، وكذلك لكثرة الآراء ، لازال الشارع منقسما على بعضه ومختلفا على من كان السبب والمسبب لتلك الكارثة والزلزال الذي حل بالمنطقة ودمرها، في حين ان البعض ينظر إليها على انها أزمة وعدت و أصبحت من الماضي وعلينا تجاوزها لكي ننظر إلى المستقبل لمعالجة الجرح ونسيان الماضي الأليم وتندمل الجراح ، إلا إن كل يوم يأتينا صوت سلبي متشنج كأن الأزمة وقعت للتو ، ويتناسى إحتلال العراق وتدميرة وتقسيمه وتداعيات إحتلاله، وقتل آلاف البشر من الرجال والنساء والأطفال ، سواء بسبب الحصار أو الإقتتال والحرب الأهلية والطائفية التي حصلت بعد أحتلال العراق وتمزيقه،وتم تشريد ونزوح ملايين الناس، بين مهجر ولاجيء ومبعد من بلاده ، بسبب الإحتلال الأمريكي للعراق، وماتلاه من تدخلات أجنبية وأقليمية ومحلية ، وانتشار ظاهرة الإرهاب الأعمى، وتفشي الأمراض والأوبئة والأمية والجهل والتخلف ، وانعدام الأمن والأمان والإستقرار ، في بلد كان صمام أمان للمنطقة كلها ، بفعل قوته العسكرية والإقتصادية، وكوادره البشرية وطاقاته المتعلمه والمدربة وخبراته الكثيرة المتعددة ، التي ذهبت سدى بين الدول الأجنبية ومخيمات اللاجئين واقبية السجون، وضاعت هوية البلد العربي مابين الأحزاب الدينية والمنظمات الإرهابية والميليشيات الطائفية المسلحةوالمذهبية المتشددة التي ترفض الآخر !
وبعد إحتلال الكويت في أغسطس مثل هذه الأيام،
إندثرت القيم وضاعت المفاهيم ، وبعد سقوط بغداد 4 أبريل 2003 سقطت الأخلاق !!
وعادت الكويت بأهلها ،ولم يعد العراق لأمته إلى الآن ؟!!

كاتب سعودي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى