مقالات كل العرب

الأعمال الدراميَّة الرَّمضانيَّة على الشاشة الصغيرة قفص الاتهام

أ.أمل بالحوت ـ بلال

شارك

الأعمال الدراميَّة الرَّمضانيَّة على الشاشة الصغيرة قفص الاتهام

 

أ.أمل بالحوت ـ بلال

 

 نقاد، محامين، صحافيين و نسبة كبيرة من مدونين قنوات التواصل الإجتماعي عبّروا عن قلقهم و استيائهم تجاه الأعمال الدّرامية المنسوبة  إلى بعض القنوات العربيَّة ،المغاربيّة.

أعمال تواترت سنة وراء سنة تنتهك فيها الهوية من جهة ومن جهة أخرى فهي تعرض أسوأ مخاطر الشَّارع من قضايا مخدّرات ومساس بالمنضومة التعليميَّة و مقوِّمات الأسرة تحت شِعار «هذا الواقع لماذا نرفضه؟»  …

 إختصاصيون في علم النفس يحذرون من الخطورة القائمة على نوعية الدراما المعروضة حاليا في وقت الذروة والإنتاج الرمضاني. المسلسلات و الأعمال الدرامية أغلبها ليس جامعا للأسرة، هي أعمال هدفها التأثير أكثر من التحسيس أو إقتراح البديل في حين ان الأعمال القيِّمة نجدها بقِلَّة و لا تستقطب نسب مشاهدة مستحَقَّة لأن التّأثير و الفضول مسيطران على العقول التي إستعمرت معضمها، البرامج الدراميّة التي نجدها اليوم في قفص الإتّهام .

 بعض المحامين قدّموا قضايا ضِدَّ أعمال دراميَّة عكست صورة الجيل بطرح و أسلوب صدم الكثيرين … كما دعت نخبة أخرى إلى عدم الوقوع في حلقة صنصرة الفن و حماية حريّة الفنون  و إنشقَّت عن النخبة الأولى و دعت إلى تغيير المحطات دون فرض الرقابة على البث التلفزيوني في الشاشة الصغيرة.

 

أزمة الدراما الحالية سببها “التأليف و الإخراج”

أما عن التمثيل،  فكل ممثل قام بدوره على أكمل وجه و لا يحمل الممثل مسؤولية السيناريو و الهدف المرجو من تصويره و بثه على الشاشة.

ورشات الكتابة  خلقت دراما متحررة وتحمل جراثيم تهدد سلوك المواطنين

استشاري طب نفسي يبدون رأيهم حول الدراما الحالية و يقولون أنها تهدد النواة الأسرية و تضع الجيل في خانة العجز و عدم القدرة و تعمم الإبتذال و الميوعة و تبالغ في عرض الحقائق و طريقة طرح القضايا بلغة عامية مهذبة تليق بأسلوب التخاطب المدني.

القضية ليست قضية أخلاقيات فقط بل هي قضية سوء طرح و أسلوب في عرض الكثير من المسلسلات الدرامية الحالية.

نذكر على سبيل المثال « مسلسل الفلوجة»  الذي أثار ضجة كبرى من أول حلقة على قناة الحوار التونسي  و غيره من المسلسلات الأخرى

يقول خبراء علم الإجتماع:«الدراما الحالية أصبحت أخطر من المخدرات…

وهناك حرب ناعمة تستخدم الفن لطمث الهوية العربية»

لم تمض أيام قليلة على عرض مسلسلات رمضان عبر شاشات القنوات الفضائية المختلفة حتى كشفت عن محتواها.

لم تعد الأعمال التلفزية هادفة، لم تعد حاملة لرسالة، ولا تحض على الذوق الراقي و مكارم الأخلاق، ولا تنهى عن رذيلة، بل تلهث وراء الإثارة و الفضول ، وتخترق القيم وتنتهكها.

كما لم تعد هيئات المراقبة تجد الحلول المثلى لتعدد المنصات التجارية الموازية للتلفزيون و التي تعرض  الأعمال الدرامية الهابطة بأسعار الإنخراط.

إن الخطر الذي تمثله الدراما في عرضها مشهدًا مسيئًا أو لفظًا خارجًا لا يقتصر على لحظة المشاهدة فقط، ولا يمكن دفعه بمجرد تغيير القناة أو إغلاق شاشة التليفزيون، وإنما يمتد لما هو أبعد؛ فإن الشخص الملتقي يتأثر نفسيًا بالمشاهد المعروضة، ويتوحد مع الشخصية بل ويذهب إلى تقليدها وفق منطق لعبة الأدوار الذي وجب إدراك مدى خطورته و سرعة إنتشاره.

أثبتت الدراسات أن العديد من الذين يقبلون على التجسيد، وتناول المخدرات كانوا قد تأثروا بمشاهد التعاطي الموجودة في الدراما في مراحل شبابهم ونهايات طفولتهم المتأخرة، وهناك دراسات  أخرى جرت على العازفين عن الدراسة، وُجد أنهم قد قاموا بالهروب من المدرسة، وكذلك طرقوا باب الانحراف وارتكاب بعض الجرائم البسيطة، نتيجة تأثرهم الشديد ببعض المواقف الدرامية التي تناولت ذلك، بل أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى ارتفاع معدلات الطلاق و هدم الأسرة نتيجة لبعض القناعات التي رسختها الدراما في نفوس الكثيريين الذين يقبلون على الدراما التلفزية بوجدانهم أكثر من عقولهم.

على القائمين بتلك الصناعة الدرامية  إدراك أهمية وخطورة حرب القوى الناعمة فهي حرب تخاط بحذق كما يخاط خيط الحرير و يغزل…هي في الباطن حرب مستترة جدا و هدفها واضح.

زادت نسبة العنف وتنوعت أشكال الجريمة و إرتقت لمستوى آخر وارتفعت نسب التشتت الأسري و الإدمان و تناول المخدرات و معدل الجرائم بكافة أشكالها

“الدراما الحالية تهدم الإنسان، وبالتالي تعيق خطط الدولة في تحقيق التنمية المستدامة التي تعتبر على

علينا اليوم و في أسرع وقت مراجعة المفهوم الخاطئ عن الحرية والإبداع و صنصرة الإبداع.

التلفزيون يسكن قلب الأسرة و حين تمس الدراما بقلب الأسرة في عقر الدار عبر الشاشة الصغيرة في شهر رمضان الذي يقبل فيه الناس على التلفاز في كنف العائلة فذلك يصبح مفروضا.

السينما شاشة كبيرة و امكانية الطرح متوفرة فيها بنسبة أكبر مع تطبيق الحريات وفق ما يقتضيه السيناريو. أما عن الشاشة الصغيرة فهي في كل بيت و تقديم دراما في شكل مقال يليق بالمقام واجب لأن أولى قيم الفن، رسالة نبيلة و أين نبل الإنتاج في ما نراه اليوم.

موجود حتى لا نعمم و لكنه بأقلية.

 

كاتبة و إعلامية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى