حوارات كل العرب

حوار مع المفكر الدكتور غالب بن شيخ الحسين

رئيس مؤسسة الإسلام بفرنسا

شارك

حوار مع المفكر الدكتور غالب بن شيخ الحسين

رئيس مؤسسة الإسلام بفرنسا

حوار: زهرة بوسكين

نتشرف في هذا اللقاء أن نستضيف المفكر الدكتور غالب بن الشيخ الحسين رئيس مؤسسة الاسلام بفرنسا وصاحب عديد الانجازات والمؤلفات الفكرية منها “العلمانية في نظر القرآن”، ورئيس المؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام.

ـ ماهي أبرز الأسئلة التي تطرح الآن حول الإسلام بفرنسا واستراتيجية التعاطي معها من خلال مؤسسة الاسلام بفرنسا؟

ـ قضية الإسلام بفرنسا وفي أوروبا عموما أصبحت قضية شائكة لذلك يجب أن تعالج بتريث وحكمة وأيضا بصيانة كرامة المسلمين في هذه الديار، ومؤسسة الإسلام بفرنسا تعالج القضايا الحضارية والثقافية ولا تهتم بالشعائر والمناسك والتطبيقات الدينية بل موضوعها هو التربية والتكوين وإعطاء فرصة الانفتاح على الآخر للمسلمين ولغير المسلمين، للمؤسسة أهداف وأبعاد في الأعمال الخيرية، فهي معترف بها كمؤسسة تعمل للصالح العام خاصة وأننا في دولة علمانية تفصل بين الدين والدولة لذلك فأعمالها مركزة في الحقل الفكري والثقافي والإجتماعي والتربوي للمسلمين أولا ولغير المسلمين فيما بعد.

ـ الاهتمام بغير المسلمين في مجتمع منفتح على الديانات هل يضيف للاسلام ويعكس فعلا تعايش الديان؟

ـ هناك تضارب كبير في هذه القضايا حيث هناك من يرى أن المجتمعات الأوروبية، خاصة المجتمع الفرنسي قد فارق في أغلبيته كل ما يتعلق بالروحانيات والأديان، وكانت مؤخرا نتائج لسبر الآراء تشير إلى أن %53 ممن أجابوا على الاستبيان ملحدين، لذلك فكل ما يتعلق بالدين ينظر اليه غالبا على اساس أنه يعطي هشاشة للفكر، في الوقت نفسه نرى أن هناك من يأتي للأديان ومن يعتنق الاسلام إجابة للعطش الروحي الذي يعاني منه خاصة الشباب

ومن الناحية القانونية الحريات الأساسية محترمة خاصة حرية المعتقد وحرية التدين مكفولة دستوريا بفرنسا لذلك نجد المساجد والمعاهد التي نحن بحاجة إليها لتحصين العقل المسلم من الخطاب الظلامي. ومؤسسة الاسلام بفرنسا تعمل وتنشط بكل حرية فقط يجب أن نجد مساحة ما بين المتطرفين من الوهابيين والجهاديين او من اليمين المتطرف الذي يرى أن الاسلام عنصرا دخيلا على المجتمع الفرنسي ولابد من محاربته، ونسعى للرد على هؤلاء بالعمل بتريث وحكمة.

ـ ماهي الأنشطة والبرامج الموجودة في رزنامة المؤسسة؟

ـ أسسنا جامعة شعبية قبل جائحة كورونا وكنا نتنقل من مدينة لأخرى وفيها النقاش والحوار مفتوح مع الشباب المسلم وغير المسلم، كل القضايا مطروحة دون تابوهات وبعد النكسة الصحية أصبحت التدخلات إفتراضية، والآن بدأنا نعود شيئا فشيئا حضوريا وافتراضيا وقد تطرقنا لعدة مواضيع كحرية التعبير والمعتقد، العنصر الأنثوي في الديانات الثلاث، العلمانية، الآخر في الدين وغير الدين.

هناك أيضا مشروع بالشراكة مع وزارة الثقافة الفرنسية حيث سنقيم معرض “الفنون الاسلامية ماضي لمستقبل” نعرض في 18 مدينة فرنسية ابتداء من 20 نوفمبر كل ما قدمه الفكر والعبقرية للفنانين المسلمين، كل ما نعرضه من التراث الفرنسي، فهناك أشياء لبعض العائلات الأرستقراطية، أو تنتمي لمتاحف او كنائس، مثلا حوض كان يستعمله الملوك الفرنسيين صنعه حرفيون مسلمون من عهد المماليك يرجع للحرفي المعلم محمد الزين وهو تحفة أثرية نادرة، بالإضافة إلى منمنمات وزخارف وكتب ومصاحف كلها ستعرض على مدار أربعة أشهر.

نعترف أن المجتمعات العربية تعيش أزمات ويجب ان لا نبقى نتغنى بالماضي والمجد التليد بل أقول أن من استطاع أن يبني حضارة مزدهرة من واجبه أن يلحق الآن بالركب الحضاري ويزاوج بين نتائج عصر التنوير ويكون ملما بتاريخ التيارات الفكرية وما حققته الحضارات الإسلامية.

ـ نشاطكم على مستوى المؤسسة هل فيه انعكاس لأفكاركم التي تطرحونها في كتاباتكم أو في يرامجكم التلفزيونية والاذاعية؟

ـ ما العبد الفقير الا انه يريد ان يفهم لما العرب والمسلمين متأخرين كما قال الطهطاوي وارى أننا نعاني من مسائل حادة، اولها قضية حرية المعتقد والحريات الاساسية نحن بحاجة اليها، وثانيها قضية المساواة بين افراد الانسانية، مهما تكن إنتماءاتهم، وإزالة القداسة عن العنف حيث هناك من يعتقد ان الله هو الذي يأمر الناس بأخذ الثأر من الكفرة، وهذه ليست مهمة الأفراد.

أحاول أن أعطي استقلالية السعي وراء طلب العلم لأنه للأسف الشديد هناك الكثير من المسلمين من يرون ان النتائج العلمية التي لا تتماشى مع بعض الأطروحات الدينية لا تدرس، بالعكس يجب ان تدرس بكل موضوعية، ولا نرتبك امام النتائج العلمية لأنها دائما في تطور فما كانت حقيقة في عهد بطليميوس زالت في عهد نيوتن والحقيقة التي كانت في عهد نيوتن زالت في عهد اينشتاين. كما لنا تحدي كبير فيما يخص المنظومة التربوية، فنحن نعيش ثورة الرقمنة ولابد أن تواكب المنظومة التربوية هذه الثورة.

نرى أيضا أن المجتمعات العربية الاسلامية تعاني من قضية الحاكمية، تعاني من الديموقراطية التي هي شفوية اكثر منها فعلية ويجب عدم توظيف الدين لأغراض سياسية كما يجب أن لا نؤسلم السياسة، فالفصل بينهما له أهميته أيضا. لا نستطيع ان ندخل في العصرنة والحداثة إلا بإعادة النظر فكريا والانفتاح على فلسفات الآخرين.

فالأرض ليست مركز الكون بل هي في ضاحية من المجرة وفكرة ان الانسان هو مركز الكون صارت واهية، كان الانسان يعتقد ان ما يصل الى فكره هو الحقيقة التامة فأصبح في عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي يعاني تداخلا بين الحقيقة المرئية والمسموعة والافتراضية. فعلى الانسان ان يكون متواضعا امام النتائج العلمية وعلى المنظومات التربوية والتعليم العالي أن تهتم بهذا وتركز على الآداب بمفهومها الأول لتنفتح على الأنسنة والفنون والقيم والأخلاقيات وتزاوج ذلك بالعلوم الدقيقة وعلوم الدين، لنكون شباب وبالتالي أجيال تملك الجانب الفكري الفلسفي والجانب العلمي والجانب الروحي، وكل ما يتماشى مع القيم الاخلاقية والجمالية.

ـ ماذا عن إصداركم القادم؟

ـ  فكرته تتعلق بالإسلاموفوبيا وتداعياتها كذلك هناك كتاب كحوار لإصلاح البيت العام للمجتمعات العربية الاسلامية، وهناك ايضا مقالات هي رد على من ينتقدون الاسلام والمسلمين هنا بفرنسا أي أشتغل على ثلاث ورشات.

ـ  تجربتكم الاعلامية سواء الاذاعية او التلفزيونية ايهما الأقرب إليكم؟

ـ الغريب أن القناة الاذاعية أحسن بكثير بالنسبة لي من التلفزيون فالحس الاذاعي له اهميته والراديو الذي انتج فيه حصة اسمها المسائل الاسلامية، تجربة مجدية جعلتني اتفاعل مع المستمعين وكذا المشاهدين اهتم بمشاركاتهم وملاحظاتهم وبكل تعليقاتهم وهذا يجعل الكثير من اللقاءات والمداخلات تأتي غالبا بعد التطرق إلى مواضيع في الحلقات المسموعة أو المرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى