مقالات كل العرب

العرض ما قبل الأول لفيلم “صاحبك راجل 2”: بين انتظارات الجمهور ورهانات الجزء الثاني

العرض ما قبل الأول لفيلم “صاحبك راجل 2”: بين انتظارات الجمهور ورهانات الجزء الثاني

أ. رجاء السنوسي

شهدت قاعة العرض مساء الأحد تقديم العرض ما قبل الأول لفيلم “صاحبك راجل 2” وسط حضور لافت لعدد من الممثلين والإعلاميين والجمهور، في أجواء تجمع بين الحماس والتساؤل حول ما سيقدّمه هذا الجزء الجديد من العمل الكوميدي الذي ترك بصمته في جزئه الأول.

عودة الكوميديا الشعبية… ولكن بأي روح؟

منذ الدقائق الأولى، بدا واضحًا أنّ الفيلم اختار المحافظة على الهوية الكوميدية التي عرف بها الجزء الأوّل:
إيقاع سريع، مواقف ساخرة، وشخصيات تتحرّك داخل عالم اجتماعي قريب من المشاهد التونسي.
لكنّ التحدّي الحقيقي الذي ظلّ معلّقًا على هذا الجزء هو مدى قدرة الفريق على التجديد دون تكرار نفس النكت أو إعادة تدوير نفس المواقف التي صنعت نجاح الجزء الأوّل.

العمل حاول بالفعل فتح مساحات جديدة داخل الحكاية، لكنّ رهانه بقي مرتبطًا أكثر بقوة الشخصيات وحضورها لدى الجمهور، أكثر من اعتماده على بناء سردي مطوّل أو مقاربة درامية معمّقة.

كتابة محسّنة… وورشـة تتصدر المشهد

عدد من المتابعين لاحظ أن النصّ في هذا الجزء بدا أكثر ترتيبًا وتنظيمًا، وهو ما يُحسب لورشة الكتابة (زين العابدين المستوري، أحمد الصيد، وقيس شقير) التي اشتغلت على طريزة مختلفة مقارنة بالجزء الأول.
الكتابة في هذا الجزء بدت أكثر ترتيبًا وتماسكًا، والنكت كانت في مكانها دون مبالغة، فيما جاءت اختيارات القصة واضحة ومفهومة، رغم حفاظ الفيلم على طابعه الكوميدي الخفيف.
هذا التطوّر جعل العديد من النقّاد يعلّقون بأن هذه الورشة تُعدّ اليوم من أبرز فرق الكتابة الكوميدية في تونس.

الإخراج والإيقاع… بين الحِرفية ولحظات التفاوت

المخرج قيس شقير حافظ على خطّه الإخراجي المعروف:
صورة واضحة، حركة ديناميكية، وكوميديا موقف مبنية على أداء الممثل أكثر من الاعتماد على المؤثرات.

لكن رغم ذلك، برز تفاوت في الإيقاع:
مشاهد قويّة تُضحك الجمهور فعلاً، تقابلها مقاطع أطول كان يمكن اختصارها دون أن يتأثر البناء العام.
يُحسب للمخرج أنه عرف كيف يطوّع العناصر الأكشن داخل الفيلم، ويوظفها لإضافة نكهة بصرية، رغم أن بعض المشاهد جعلت المتفرّج ينسى للحظات أنّه أمام فيلم كوميدي.

أداء الممثلين… النقطة الأقوى في الفيلم
لا يختلف اثنان حول أنّ قوة الفيلم تكمن أساسًا في فريق التمثيل:
كريم الغربي: الحدث الأبرز في الفيلم، قدّم أداءً ناضجًا، متوازنًا، وتحوّل إلى ما يشبه “قائد الإيقاع” للكوميديا داخل العمل. استثمر مخزونه المسرحي والأكاديمي ليكون النجم الأبرز.
سفيان الداهش: حافظ على المستوى الذي أثبت به نفسه الموسم الفارط. أداؤه كان ثابتًا ومضحكًا دون ابتذال، وشخصية “السعيد” ظلّت نقطة ضحك مؤكدة.
ياسين بن ڤمرة: واصل تحدّي نفسه بالجمع بين الأكشن والكوميديا، مع حضور واثق يؤكّد أنّ الحرفية والالتزام يفتحان أبوابًا جديدة للممثل.
الحضور الشرفي لعدد من الممثلين مثل لبنى، يونس، كوثر وسميرة مقرون التي كانت من بين الحاضرين في العرض. ظهورها كان لافتًا حتى وإن كان محدودًا، وقد أضاف لمسة أنثوية راقية على مستوى التوازن البصري للمشهد وخلق نوع من التنويع داخل مجموعة الأدوار الثانوية.

تفاعل الجمهور… بين الضحك والقراءة النقدية
التفاعل كان حاضرًا بقوّة داخل القاعة، وهو أهم اختبار بالنسبة لكوميديا تجارية موجهة للجمهور العريض.
لكن في المقابل، برزت بعد العرض آراء تتساءل حول:
هل كان من الممكن أن يقدّم الفيلم مضمونًا أعمق؟
هل اكتفى بالضحكة السريعة دون رسائل واضحة؟
وهل يمكن للكوميديا التونسية أن تتجاوز النمط التقليدي نحو بناء فكري أكثر جرأة؟
هذه الأسئلة لم تقلّل من المتعة، لكنها كشفت أن الجمهور بات اليوم يطلب ضحكًا… وفكرة.

كوميديا للترفيه… وباب مفتوح للنقاش
“صاحبك راجل 2” نجح في أداء مهمّته الأساسية:
إضحاك الجمهور وتقديم فرجة خفيفة ومباشرة باختصار هو فيلم موجّه لمن يبحث عن ساعة من المتعة دون تعقيدات.
لكنّه في الوقت نفسه يفتح بابًا مهمًا للنقّاد:
هل ستظل الكوميديا التونسية مرتبطة بالوصفات الجاهزة والنجوم البارزين؟
أم أنّ السوق باتت مستعدة لمرحلة جديدة من الكوميديا التي تحمل روحًا أعمق وصورة أقوى؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى