مقالات كل العرب

فعاليات غير مسبوقة لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني

فعاليات غير مسبوقة لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني

د. رمزي عودة

في هذا اليوم الذي أُقِرّ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1977 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتذكير العالم بمسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني، وللمطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية تبعاً لقرار التقسيم لعام 1947، شهدت فعاليات إحيائه هذا العام حدثاً غير مسبوق، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي. فعلى الصعيد الدولي، أحيت غالبية سفارات دولة فلسطين العاملة في الدول العربية والأجنبية فعاليات تضامنية مع الشعب الفلسطيني، ودعت المناصرين والجاليات الفلسطينية والدبلوماسيين إلى مناصرة الحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة. وفي السياق ذاته، شهدت العديد من العواصم الغربية تظاهرات مؤيدة للشعب الفلسطيني، ورفعت فيها اللافتات وتعالت الهتافات المؤيدة لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في شوارع كندا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وأستراليا وغيرها من العواصم الغربية. أما على الصعيد الوطني، فقد أحيت الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والابرتهايد فعاليات التضامن تحت رعاية الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، في العديد من محافظات الوطن تحت شعار “الدولة الفلسطينية قريبة جداً”، وارتفعت رايات منظمة التحرير في رام الله وبيت لحم ونابلس وجنين وطولكرم. ولم تغب فعاليات التضامن عن غزة المنكوبة، حيث أُقيمت الفعالية في معسكر النصيرات في مقر اللجنة الشعبية للمخيم، وبمشاركة عشرات الأكاديميين الذين طالبوا بوقف إطلاق النار، وحماية الغزيين، وعودة السلطة الوطنية الفلسطينية لإدارة القطاع.
في الواقع، برزت عدة سمات لفعاليات إحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 نوفمبر من العام الجاري 2025، من أهمها:
أولاً: الشمولية، حيث توسع نطاق الفعاليات دولياً ووطنياً، وشمل غالبية قارات العالم.
ثانياً: التنوع في أشكال فعاليات التضامن، سواء كانت مظاهرات أو احتفالات نخبوية أو مسيرات واعتصامات، أو نشاطات تكريمية أو بيانات رأي عام.
ثالثاً: تعدد وتنوع الأطراف المشاركة في الفعاليات، فكان من بينها حملات التضامن والمناصرة مثل الحملة الأكاديمية الدولية وومنها الجامعات مثل جامعة القدس المفتوحة، ومنها الأحزاب السياسية مثل حركة فتح بأقاليمها الداخلية والخارجية، ومنها هيئات منظمة التحرير مثل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ووزارة الأسرى والمحررين، ومنها أيضاً مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية مثل وزارة الخارجية وأذرعها في الخارج.
رابعاً: التغطية الإعلامية المكثفة في مختلف وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، وفي مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً. وقد كان للإعلام الرسمي الفلسطيني دور بارز في إعطاء أهمية وازنة لغالبية فعاليات التضامن من خلال البث المباشر المرئي والمسموع والإعلام المكتوب.
وفي المجمل، يمكن الإشارة إلى عدة دلالات في سياق توسّع وكثافة فعاليات التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني هذا العام، من أهمها:
أولاً: تغيّر الرأي العام الدولي لصالح الشعب الفلسطيني، ولا سيما بعد مسلسل الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الاحتلال في غزة والضفة الغربية، بما أدى إلى عزل إسرائيل وكشف حقيقتها الاستعمارية أمام العالم كله.

ثانياً: توحيد الصف الفلسطيني تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، وتجاوز الخلافات والانقسامات لصالح جهد وطني أكبر في المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ومن أجل الحفاظ على تدفّق فعاليات التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني بحيث تستمر طوال العام وليس في يوم أو أسبوع محدد، يمكن تقديم عدة توصيات، من أهمها: إنشاء هيئة وطنية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال والفصل العنصري، بحيث تتشكل من مؤسسات وطنية وحركات تضامن وأحزاب سياسية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية. وتكون مهمة هذه الهيئة توسيع نطاق فعاليات التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، وتحسين كفاءتها، وتطوير نشاطاتها من أجل تحقيق الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى