العراق و الكويت، صلة القربى والجيرة السيئة

العراق والكويت ، صلة القربى والجيرة السيئة!!
د. علي القحيص
أثيرت من جديد زوبعة قضية قديمة متجددة، حول مشكلة ترسيم الحدود بين العراق والكويت، حيث وصل التصعيد الجديد الى ذروته بالتهديد والوعيد والإنتقام ، والتنابز بالالقاب والإتهامات بالرشاوى والفساد والسرقة، عبر وسائل التواصل الإجتماعي وبعض القنوات الفضائية في العراق والكويت، حيث يتهم العراقيون الكويت بالاستيلاء على اراضٍ تصل إلى 180 كم داخل العمق العراقي بعد احتلال العراق عام 2003 حين ضعفت قوته .
والكويتيون يقولون ان هذا الإجراء جاء اتفاقا دوليا واقليميا وقع عليه العراق راضيا ، ووافقت عليه الجهات الرسمية العراقية ، بما فيها البرلمان والمحكمة الاتحادية.
والآن هناك احتاجات ومناشدات ومظاهرات في البصرة والزبير ، وبغداد امام المحكمة الاتحادية ضد القرار الذي يعتبرونه جائرا ويمس سيادة بلدهم ويطالبون بالغائه، والمجاميع العراقية المحتجة تتهم حكومتها المتعاقبة بعد الإحتلال أنها باعت الحقوق والاراضي العراقية واقتطعت جزءاً كبيراً من حدودها لصالح الكويت بغير حق ، مقابل مبالغ باهضة استلمتها السلطة العراقية بما فيها (خور عبدالله التميمي) الذي تطلق عليه الكويت ميناء مبارك ، جنوب العراق شمال الكويت ،المطل على الخليج العربي المتنازع عليه الآن.
وهو المنفذ الوحيد للعراق على الخليج العربي.
ويتسائل البعض لماذا اثيرت هذة الضجة والازمة بهذه الأوقات تحديدا، هل هو مرتبط بموعد انعقاد القمة العربية في العراق وتخريبها وافشال انعقادها في بغداد، أم هو بايحاء ايراني للفت انتباه الانظار عن الأزمات الحالية التي تعاني منها إيران كونها مسيطرة على القرار السياسي العراقي ، وربما اججت هذا الخلاف سواء بسبب المفاوضات والضغوطات الدولية وكذلك استهداف الحوثيين وتدمير قدراتهم من قبل امريكا واسرائيل؟
المهم منذ استقلال الكويت عام 1961، وهي تعاني من التوترات والازمات والتصعيد من جارها الشمالي ، الذي هو اصلا يعاني من أزمات متلاحقة ومتتالية داخليا وخارجيا بسبب عدم الاستقرار التام والهدوء والراحة ، وادخاله بحروب وازمات وخلافات ،كونه يشكل قوة إقليمية اقتصادية ضخمة وقوة عسكرية صلبة تهدد بعض الدول التي لاترغب أن العراق يستقر ويعود الى موقعه الاستراتيجي المهم .
لأن لديهم نزعة قومية وشهية مفتوحه دائما لخوض الحروب والاقدام عليها ، بسب الكثافة السكانية والخبرات العسكرية وارتفاع المعنويات التي يتباهى بها بأنه الاشجع والاقوى دائما، واستعراض القوة امام الخصوم ، وتلك ثقافة عراقية متاصلة بتاريخ وموروث الشخصية العراقية، كما يذكر مؤرخ علم الإجتماع العراقي الدكتور علي الوردي( 1913- 1995).
ورغم صلة القربى والمصاهرة والجذور الاجتماعية المشتركة والمتداخلة بين عوائل وقبائل المجتمع العراقي والكويتي منذ القدم ، وكما يذكر عالم الفلك صالح العجيري( 1920- 1922)،بقوله 🙁 مجتمع الكويت يتكون من ثلاثة مكونات ، من الجزيرة العربية والعراق وايران).
كان الكويتين في وقت مضى يجلبون الماء من البصرة على ظهور المطايا ، وكان العراق لهم المتنفس الاقتصادي والتجاري بحكم المنطقة الجغرافية القريبة ، وكان اغلب علمائهم وضباطهم واساتذتهم ،تخرجوا من الجامعات العراقية وكلياتها.
بحكم قرب المسافة وتطور التعليم بالعراق قديما.
قبل أن تنهض الكويت بسرعة وتصبح أكثر من العراق تطورا، بفضل الثروة النفطية التي تم استثمارها في البناء والاعمار.
إلا أن الأزمات السياسية لم تتوقف أو تحل ، بسبب (القنبلة الموقوتة) الحدود التي لم تنزع فتيل شرارتها، و لم تحل حلا جذريا نهائيا واغلاق هذا الملف الساخن الذي يزعج المنطقة كلها، بسبب بعض الدول الكبرى، التي تعودت أن تزرع ( خميرة عكننة)! بين كل دولة عربية واخرى، لتجد ضالتها وتبريرها بالتدخل بذريعة الخلاف، بحجة نزع الصراعات أو إطفاء نار الفتنة كما تزعم ويروق لها وقت الحاجة، عند الأزمات وتصدير مشاكلها إلى خارج حدودها وافتعال الحروب وزرع الفتن.
وهكذا دواليك ، ولازالت الأزمات العربية المتكررة ، تارة تخمد ومرة ثانية تولد ،حسب الظروف والحاجة ومصلحة الدول المتنفذة التي ترعى التوتر والخلافات وتغذي الازمات، التي لاتريد للمنطقة أن تزدهر وتستقل وتستقر وتطور وتنمو وتنهض، لكي لاتكون بيئة خصبة للنمو والعلم والمعرفة ، كي لاتشكل ضررا أو منافسة اقتصاديا أو تجاريا وحتى تعليميا ، على بعض الدول التي يهمها أن يستمر الصراع والتناحر وإثارة المشاكل وتاجيج الطائفية والمذهبية والتجييش ، بين الاخوة والأشقاء والجيران، لتمزيق الهوية الوطنية وضعف الوازع الوطني والتشبث بالأرض والدفاع عنها، على مبدأ فرق تسد !!
كاتب سعودي