خيانة المثقفين

خيانة المثقفين !!
د. علي القحيص
أصدر المفكر العربي إدوار سعيد ،( 1935_ 2003)، استاذ اللغة الانجليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في نيويورك، كتاب “خيانة المثقفين”
والذي هو عبارة عن النصوص الأخيرة لأدوارسعيد ، ترجم إلى ثلاثين لغة صدر باللغة العربية في ٣٩ /٦/ ٢٠١١ دار نينوى للدراسات في دمشق .
مقتبس العنوان من كتاب نقدي ( خيانة الكهنة) للكاتب الفيلسوف المفكر الفرنسي ( جوليان بيندا) نشره عام 1927 م، تحدث عن الذين ينسفون القيم ويخونون الحقيقة والعدالة لأسباب سياسية عنصرية إلى آخر الكتاب.
اما ادوارسعيد شرح خيانة المثقفين شعرا بنصوصه الأخيرة.
وحين مرت منطقتنا العربية بعواصف وازمات وبعض العواصم العربية احتلت من قبل الغزاة ، حين شهر الأدباء والإعلاميين والصحفيين اقلامهم ضد الغزو والاحتلال لبلدانهم وبعض الاوطان العربية، وهو واجب وطني وشعور قومي لأي أديب أو مثقف أو صحفي عربي .
وهذا طبيعي في سياق الانتماء و ينسجم مع مواقف أغلب الدول العربية التي ترفض الإحتلال واغتصاب اي ارض عربية .
ولكن المفاجأة والطامة الكبرى ، على عكس مانتوقع من بعض المثقفين والادباء من الأسماء الكبار مثل ( ادونيس ومظفر النواب) الذي اشغلوا الشارع العربي بقصائدهم والهبوه بنصوصهم ( الثورية) ضد الأنظمة والدول العربية، وخاصة مهاجمتهم دول الخليج العربي ، واتهامها بالتخاذل والرجعية والتخلف ، ومطالبة هذة الدولة او تلك ان تدفع المال والبترول للدول الأخرى الفقيرة من نظريتهم التي يؤمنون بها ( نفط العرب للعرب)!
والمصيبة الأكبر أن الشاعر (مظفر النواب) توفي في الشارقة 20 مابو 2022،الذي كان يحرض ضد حكومات دول الخليج، حين أعياه المرض تم استقباله وعلاجه في أحد دولنا الخليجية ومات فيها.
ولم يندد هو نفسه أو يشجب ١احتلال وطنه من الغزاة والمحتلين ، وحيث كان يطالب دول الخليج بطرد وحرق القواعد الأمريكية في الخليج العربي!بقولة( أشعل مياه الخليج..تمرد )!!
بل ذهب أكثر من ذلك حين احتلت بغداد لم يبكي عليها ، وذهب إلى العراق تحت حراب الاحتلال، وشارك في انتخاب اول حكومة عراقية نصبها المحتل.
وياتينا اليوم الشاعر الذي لم يحفظ له أحدا بيتا من الشعر المسمى ب( ادونيس) واسمه الحقيقي ” علي احمد سعيد اسبر مواليد 1930م ” يندد ويشجب التغيير الذي حصل في بلده سوريا الآن، ويقول إن الذي جاء بعد النظام (عصابة)، ليسوا مؤهلين لادارة دول حديثة، حيث يضمر طائفيته المقيتة في كل رأي أو قول و وقوفه الدائم والعلني الى جانب النظام على اساس طائفي بحت .
ويتباكى على النظام السابق الذي ينتمي له ( طائفيا) وليس ارضا أو ادبا أو ثقافة، كما يدعي ويزعم ويوهم الناس!
المفارقة الغريبة ، أن( مظفر النواب) كان ضد حكم بلده الوطني ، ولما احتل وطنه من قبل الاحتلالات الاجنبية وغزاة العصر ، عاد الى بغداد مؤيدا ومتضامنا مع النظام الحديث تحت ظل دبابات الإحتلال، لأنه ايضا ينتمي طائفيا للسلطة الجديدة ،وحيث ظهر ذلك جليا في معظم قصائده التي تقطر حقدا طائفيا مقيتا منها قصيدة “وتريات ليلية” مثالا !
اما( ادونيس) فكان يؤيد النظام السابق في سوريا ، رغم وجود قوى الاحتلال الغريبة من الروسي والإيراني والميليشيات المسلحة ، أما الآن وقد تحررت سوريا من كل الاحتلالات الأجنبية، بفعل 1حراك ثوري سوري شعبي وطني استمر 14 عاما من التضحيات والصبر والتهجير والتدمير، ولم يأت محرروا سورية على ظهر الدبابات الامريكية او من خارج الحدود، نراه يندد بالقيادة السورية الجديدة ويصفها بالرجعية والارهابية!
ماهذا النفاق والكذب والتزلف والتدليس وإرهاب الشعب العربي ، على أنهم شعراء كبار ومثقفين ومفكرين و (وطنيين)، لتأتي الاقدار وتجري الأحداث لتكشف زيف حقيقتهما المتلفعة بالشعوبية ، حيث كشروا عن انيابهم الحادة المسمومة ، وسقطت كل الأقنعة عن الوجوه الفاقعة ، لتظهر طائفيتهم المقيتة وشعوبيتهما العنصرية ، لا تنفع معها اي مساحيق أدبية وثقافية ممجوجة ومصطنعة، بعد عقود مرت ،وهم يحاولون اللعب على عواطف الجمهور العربي وتسويق الوطنية الواهمة التي تخبئ خلفها طائفية ومذهبية مقيتة ، حتى كشف الغطاء عن البؤر الطائفية المتطرفة ،التي ينتمون لها ، حين بانت حقيقتهم الكاذبة وانكشف اللثام، عن الوجوه القبيحة لتسقط الاقنعة المزيفة ارضا وينكشف قبح السرائر وما يضمرون!!
كاتب سعودي