مقالات كل العرب

نضال

إسراء حامد

شارك

نضال

أ. إسراء حامد

 

كان ضوء النهار يسقط من خلال  مخيمات التمزق لتمثل التلميح الوحيد الى وجود عالم خارجي،سنوات لا تحصيها العد،حملتها على كتفيها ،دون كلل او ملل،عيناها تحكي قصة تعاستها و اغترابها و فراقها ووجعها،أما سنوات عمرها الستين، تحكي عن قوتها التي تلين الحديد، وصلابتها التي تشق الصخر، بينما تجاعيد كفوفها المشققة  كقطعتي حطب من الهرم تنم عن سنين الكد والتعب.

تغلق أهدابها، وهى تبكي، فقد نالت حظا من اسمها (نضال)، عرفت منذ سنوات بين نازحي المخيمات بتعاستها وصمودها، و طموحها أن يعود ابنها ويدق بابها من جديد،غضة ومرارة منذ أن غاب قبل 20 عاما، علكتها سنة وراء سنة بمرارة الانتظار،علمت أن جنود اسرائيلين اعتقلوه وهو خارج من ديار عمه في الخليل،ومنذ ذلك الحين لم تلمحه عينيها قط.

اهترأ عمرها في الكدح والانتظار، كفاها مطويتان على صورة ابنها،تضمها بحنين،تحكي لكل من اراد سماع قصتها:

-كان طفلا الى أن شب رجلا، ألفته يداي مثلما تألف الأرض ساق العشب، ثم طار العصفور من القفص،التحق بالفدائيين، قبل ان يتم اعتقاله.

تصدع قلبها على مرمى كلماتها الموجعة تضرب على صدرها من الصبر:

-أريد ان ألمحه!

لا شيء بيد نضال سوى أن تنتظر، في عينيها شيئا من الخيبة، كلما افرجوا عن معتقلين، تبحث عن عناوينهم ، تزورهم في بيوتهم لتسألهم عن ابنها، تقطع سنوات عمرها في البحث جيئة وذهابا،والتمزق ينهكها،بينما بدت للجميع قوية من الخارج،قوية أكثر مما ينبغي!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى