مقالات كل العرب

السودان.. و شقاء الطليعة

شارك

السودان..وشقاء الطليعة

مهندس كمال أشواك

منذ أن نال السودان إستقلاله،لم تفلح الطليعة السياسية السودانية من ساسة ومفكرين في إنتاج مشروع وطني يستوعب كل الفسيفساء السودانية ذات التنوع الإثني الثقافي الثر.كل الذين تعاقبوا على حكم السودان كان تفكيرهم مركزي وسلطوي محض،لذلك إختزلوا الدولة في الخرطوم وبعض الأقاليم المتاخمة للعاصمة،ظل الوضع على نفس الحال حتى جاءت ثورة ديسمبر الظافرة وقد مهرها شباب وشابات السودان بالدماء،هذه المرة كانت الثورة مختلفة ومدهشة كونها لم تنطلق من الخرطوم كما هو معتاد تاريخياً.هذه المرة كانت بدايتها من الأقاليم والتخوم البعيدة.
ما يحدث الآن من صراع بين الجيش بشكله الحالي ومليشيا الدعم السريع يجب النظر إليه من منظور الأزمة الإجتماعية التي ظلت مرتبطة بتاربخ الدولة السودانية في شكلها ما بعد الإستقلال،هل كانت تدار عبر مشروع وطني جامع توافق عليه كل السودانيين؟وبالتالي سمح لكل السودانيين بالتواجد في مؤسسات الدولة بشقيها المدني والعسكري وهنا حديثي عن المؤسسات الحكومية الخدمية.هذا الصراع هو نتاج لغياب الرؤية الوطنية الشاملة،فلو نظرنا إلى تاريخ تكوين هذه المليشيا والهدف منها سوف تتجلى أزمة الموقف الأخلاقي للسياسي السوداني
إسلامي المؤتمر الوطني،تحديداً أبناء الشمال داخل الحزب المحلول،هم من أنشأ هذه المليشيا يومها أخبروا “حميدتي” أنه إبن عمومتهم من ناحية العرق والنسب،لذا عليه حمايتهم وحسم تمرد العنصر الزنجي في دارفور،الرجل أدى المهمة على أكمل وجه،ثم قوي عود الرجل وإتسعت دائرة علاقاته في الداخل والخارج في ظل حكم الإنقاذيين،ثم حدثت الثورة قرر الرجل الإطاحة بأصدقاء الأمس،حينها حتى الجيش لم يكن لديه أي قدرة على إتخاذ هذا القرار الذي سبقهم اليه الرجل،ثم لحق به مدير الجهاز السابق “صلاح قوش” الذي كان يخوض حرب وتصفيات خاصة مع خصومه داخل التنظيم.لذا سيظل قوش عدو الإنقاذيين للأبد،وبذلك إنتهى دوره السياسي واهم من يظن أن مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق “صلاح قوش” عائد من جديد للمشهد السياسي.الواقع الحالي تورط فيه “البرهان” دون أن يشعر،من ورط البرهان هم “الكيزان” وأيضاً طليعة الشمال ومثقفيهم في الخارج والداخل بمختلف توجهاتهم السياسية أسهموا في التحرك الأخير،فالقوم منذ فترة ليست بالقصيرة لديهم مخاوف وتوجسات كبيرة حول مكاسبهم التاريخية وتجذرهم السياسي والإقتصادي والإجتماعي في السودان بشكله الحالي،زاد من هذه المخاوف الخطاب الحاد الذي ظل يظهر على فترات من سياسي دارفور وحتى مثقفيهم،بالنسبة لي هو خطاب عنصري مرفوض،لأنه لا يحمل مضاميين المقارعة السياسية الموضوعية،لذلك تم دفع البرهان من قبل أبناء الشمال تجاه هذا الموقف،حميدتي بالرغم من كونه تاجر حرب لكن بالنظر إلى معظم تصريحاته الأخيرة كان يرسل رسائل تطمينية للجيش،فالرجل وعبر مستشاريه كان يلمح دور الفلول وتحركاتهم للإطاحة به فهو عندهم خائن لعهدهم ولا يمكن لهم العودة والرجل موجود،في تقديري البرهان وياسر العطا سيقبلان بنتائج حوار جدة لشعورهما بالتعجل في هذه المواجهة التي أحدثت الخراب وستنتهي بالحوار ومقاربات حول عملية الدمج،وهي القضية الأهم فلا يمكن لوطن أن يتعافى،وهو يسمح للأسر الخاصة بالتمدد الإقتصادي غير المشروع،ايضاً غير مسموح أن نعيش في سودان ظل يتحكم فيه قدامى الأفندية،عليه من المهم آحداث توازنات جديدة وعميقة في هذا السودان حتى يسع الجميع بشكل حقيقي لا صوري،بالنسبة للفريق أول “الكباشي” لن يقبل بالحوار وربما يحدث موقفه الخاص شقاق وسط الجيش نفسه،سيما أن الجنود على الأرض غير منحازين لمسألة الحوار مع الدعم السريع وهنا ربما تتم الإطاحة بالبرهان من داخل الجيش،لأن خيار الجيش أصبح هو خيار الحسم ميدانياً وهو خيار الخسائر الكبيرة والمدة الطويلة،على المستوى الشعبي هناك حالة إنقسام حول الموقف من واقع الحرب الحالية هذا تحليل خاص حول الموقفين..
في تقديري الفئة الداعية لوقف الحرب،هي الفئة الأكثر عمقاً في رؤيتها كونهم منطلقين من ثوابت واضحة غض النظر عن طبيعة طرفي الصراع.
*الدعم السريع بالنسبة لهذه الفئة مرفوض جملة و تفصيلاً من المهم دمجه في الجيش وذلك بعد أن عملية إصلاح حقيقية في بنية الجيش من حيث التكوين والتنوع والنفوذ داخله.
*قوات الشعب المسلحة هي المؤسسة الوطنية الوحيدة لحمل السلاح بعد إصلاحها.
*الفلول هم من أورثوا هذا السودان وضع عسكري خطير جداً وقابل لنسف الدولة السودانية من جذورها،وربما سوف نشهد حالة تقسيم جديدة للبلد،كل هذا نتاج سياسات النظام السابق..
خلاصة موقف الداعيين لوقف الحرب بغض النظر عن الحرب وتباين أسبابها هو المحافظة على الدولة وحدودها وهو أمر جوهري ويعبر عن الموقف الوطني ألأكثر أصالة.
الفئة الأخرى التي تؤيد الحرب مجموعة منهم يحملون توجهات وطنيةصادقة لكن للأسف تقديراتهم خاطئة كونهم يفترضون أن هذه الحرب سوف تنتهي بنهاية الدعم السريع،علينا خسارة قليل من الأفراد والمنشآت و الموارد في مقابل تصحيح الخطأ التاريخي لنظام “البشير” وبالتالي نكون قد تخلصنا من الجنجويد وقطعنا شوطاً كبيراً في بناء جيش وطني موحد وفق شرعية دستورية،للأسف هذا الإفتراض سطحي جداً،لأنه يختزل الدعم السريع في كونها مجرد مليشيا فهم غير مدركين أن هذه حاله مرتبطة بالخارج ولديها تشبيكات مع قوى دولية وإقليمية هي من تشكل العالم.لذا يظل هو إفتراض أشواق مع إهمال كبير للراهن على الأرض،من حالات إلإصطفاف العشائري والجغرافي مما يكسب هذه الحرب حال إستمرت نكهات اخرى،مضافاً اليها أطماع المحاور وتغيير الخطط حسب المعطيات على الأرض.أما موقفي الشخصي هذه الحرب قامت على إفتراضات متعجلة وأنانية من كل الأطراف لذا كانت محض مغامرة غير ضرورية،أنتجت لنا وطن مهدد وشبه دولة نصفها منهار،على أية حال الكرة ما زالت في ملعب القوى الوطنية يجب ان تفهم أن الامر لم يعد متعلق بصراع سلطوي بائس البلاد في مرحلة قابلة للتشظي وهو مأزق السودان الحقيقي اليوم، إنزلاق متوقع نحو سيناريو الفوضى وأطماع الخارج ودونكم مبادرة المبعوث الامريكي (فولكر) وكأنهم يريدون إعادة إنتاج سيناريو العراق عبر حاكم اجنبي ربما يفرض بالقوة في حال وصلنا إلي مرحلة الفوضى في محاولة منهم لفصل السودان عن محيطه العربي والأفريقي عليه القوىالسياسية عليها التحلي بروح الوطنية والتواضع على رؤية وطنية حدها الأدني أمن الناس وعودة الحياة ثم الذهاب نحو صندوق الإنتخابات بعد فترة إنتقالية معقولة..

مهندس و كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى