كل الثقافة

اسمي زيزفون.. هل أنصفت سورية؟؟

شارك

اسمي زيزفون.. هل أنصفت سورية؟؟

د. نداء عادل

منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها قراءة رواية “اسمي زيزفون” للأديبة سوسن حسن، وأنا أبحث في طيّاتها عن نداء التي عاشت في دمشق وارتوت من حكاياتها، ومن رحلاتها على الأرض السورية، حتى صارت تعرف أنَّ حقيقتها العربية واحدة رغم كل الأوطان، والبشر الذين أحاطوا بها.
الرواية التي تدور في فلك زمنين بينهما قرابة الـ 50 عامًا، بنسق الفلاش باك الذي يأتي تحت عبارة “من الدفتر”، إلى أن يلتقيا في الحاضر الذي وصلت إليه سورية، وما تعيشه اليوم من دمار للحجر والبشر، وأنا قاصدة أن أضع الحجر أولاً. وهي ليست رواية عادية، بل هي رواية تحاول الولوج إلى حياة طائفة تعيش في سورية، في محاولة لنزع التمييز عنها، على الرغم من أنها مميزة ومنذ زمن بعيد في الواقع، ونفي هذا روائيًا لن يغير من حقيقة ما يعتقده ويعيشه الشعب السوري.
على مستوى الحبكة والسرد اِختارت الكاتبة طريقها بصورة جيدة؛ إلا أنَّ ما استفزني خلال القراءة كان مزج العامية بالفصحى دون إشارة إلى أنَّ هذا حوار بين اثنين، وعلى الرغم من قلة الشخصيات المرسومة، فالبطلة جهيدة/زيزفون تحكي عن عالمها الخاص جدًا، والذي تعتقد فيه بمظلومية طائفتها، وفي الوقت نفسه جهل أفراد الطائفة وتمسكهم برداء الدين على حساب العقل في معتقداتهم التي تعتبرها زيزفون غير صحيحة.
الرواية ليست شافية بالنسبة لي على مستوى توثيق حياة الشعب السوري في الـ 50 عامًا الماضية، وفي الحقيقة هي تفتقر إلى الكثير من الحقيقة، والكثير من الموضوعية في سرد أحداث تلك الحقبة، فالانسلاخ عن طائفة ما لا يعني بالضرورة الانتماء إلى أخرى، بمقدار ما أن هناك حاجة حقيقية لمواجهة الفساد الذي تعيشه هذه الطائفة على مستويات عدة. زيزفون نفسها كانت شريكة في الفساد الذي مارسته طائفتها، فقد استسهلت أن تمضي حياتها قدمًا بعلاقات عدة خالية من الحب قائمة على المصلحة، شريطة الحفاظ على البكارة، وكأنها تعترف بأنَّ هذا الغشاء وحده هو المرادف للشرف، وكأن المبادئ والضمير ليسا أساسيان في تحديد شرف المرء من عدمه.
صاحب المبادئ الوحيد في الرواية يموت مقتولاً، هو الذي لم يتخل عن اتّحاده بالكون والحقيقة لكنّه عاش منبوذًا عن مجتمعه، أما الأسرة فقد فككتها السلطة، والمال، وهنا كانت لدي مشكلة في رسم الشخصيات، فالجميع بلا استثناء لم تتضح معالمهم بصورة كافية تؤدي بهم إلى المصير الذي آلوا إليه، بداية من الأم التي ماتت مبكرًا بالسرطان، وصولاً إلى الشقيق الذي حرم أخته زيزفون ميراثها وبيتها.
الموت القابع خلف الستار، الشباب الهارب من الوطن، الحرب التي دارت بين أفراد الشعب الواحد، كلها مرّت عليها الأديبة سوسن حسن مرور الكرام، فلم نجد بدًا من المضي قدمًا في الرواية بحثًا عن إجابات حقيقة للسؤال الأساسي الذي تطرحه في البدايات: “ماذا بعد؟”، وعلى الرغم من كل السرد والتفاصيل الكثيرة التي تم تضمينها الرواية، لم نصل إلى إجابة تنصف الإنسان السوري.
الحقيقة أنني رأيت السوري في هذه الرواية على غير حقيقته، ولذا لم يعد باستطاعتي اعتبارها رواية توثيقية، لعلها خصّت طائفة بعينها لتوجه لها النقد؛ ولكن حتى النقد هنا لم يكن موجهًا للطائفة بمقدار ما كان استدراج العطف على أفرادها المغلوبين على أمرهم ما لم ينتموا إلى فريق السلطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى