كل الفنون

مواكبة للذكرى الخامسة والاربعين للعندليب الاسمر عبد الحليم حافظ

حصريا لمجلة كل العرب ومباشرة من مصر هبة النيل

شارك

مواكبة للذكرى الخامسة والاربعين للعندليب الاسمر عبد الحليم حافظ

حصريا لمجلة كل العرب ومباشرة من مصر هبة النيل

30 مارس 2022 مقبرة البساتين مصر

 

مواكبة  ونقل  نادية المنصوري

 

من خيوط الحب والوجع، كان فنانا وكان انسانا

حليم قصة خلود الاغاني والحياة والجسد الذي لم يتحلل منذ وفاته

 

حالة من العشق المعتق بالشوق ، تنتقل اليك اول ماتدخل الشارع الطويل المؤدي  لمقبرة اسطورة الغناء والحياة عبد الحليم حافظ رحمه الله في منطقة البساتين، اين يتجمع المئات من محبيه  في ارجاء المكان وقلوبهم تعبق شوقا،  ينثرونه صدق المشاعر ويطلبون له واسع الرحمة  والمغفرة في ذكراه الخامسة والاربعين التى تلتئم كل 30 من شهر مارس  تاريخ الاعلان عن وفاته، تلك الفاجعة الكبرى التى هزت  قلوب محبيه في مصر وفي العالم العربي، ومازالت  تعتبر ذكرى مؤلمة لكل عشاقه.

الزيارة كانت مفاجاة مبرمجة من صديقي الفنان سعيد عثمان، عندليب مصر الجديد، كما يلقبه مجموعة من رفاق واصدقاء  الراحل عبد الحليم  وبعض  الفنانين  الذين عاصروه. غريب ان يقبل جمهور وعشاق عبد الحليم على تسمية غيره بهذا اللقب، ولكن من يبحر في دفىء احساس سعيد عثمان، من يمعن في تفاصيل صوته الشجي، من يحضر حفلاته في الاوبرا  التى يخصصها فقط لترديد اغانيه،  يقتنع دون عناء انه اقدر من يمكن ان يحافظ على تراثه بكل صدق واخلاص.

وصلنا المدفن الساعة منتصف النهار تقريبا، فبادر باستقبالنا جمع من رابطة “احباء عبد الحليم حافظ ” الذين كانوا في انتظار الفنان سعيد عثمان، ليمتعهم بباقة من اغانيه والذين كانوا متواجدين منذ الصباح  ليهيؤو المكان ويعلقوا صور حليم ويستقبلون زائريه  الذين ياتونه من كل مكان في مصر ومن باقي الدول العربية  مثل الوفية “ماما نادية” كما يسمونها في مصر عاشقة عبد الحليم  التونسية التى استمرت على زيارته كل سنة دون انقطاع.

السيدة هانم سعيد سكرتيرة عبد الحليم:” 45 سنة  لم انقطع عن زيارة مدفنه”

عبد الوهاب وخورشيد والموجي من اكثر الفنانين ترددا على منزله

سكرتريته الخاصة السيدة هانم سعد، هي ايضا تواظب على زيارته باستمرار منذ 45 سنة كما اكدت لنا في هذا اللقاء، كانت جالسة وسط النساء على السور القصير المحيط بمدفنه ، تضم الى صدرها مجموعة من المجلات  والصور الخاصة بعبد الحليم، اشارت الى المجلة التى تحمل صورتها في بيته واظافت:”لقد اشتغلت معه لمدة  سبع سنوات، كنت اداوم من العاشرة صباحا الى العاشرة ليلا ، استقبل  الزوار  من المعجبين الذين يتوافدون بالعشرات كل يوم من كافة البلدان والجهات، كنت اجلس على كرسي امام الشقة  انظم صفوف الزوار، كما كنت اجيب على الهاتف الذي يرن كل خمس دقاءق واكتب اسماء المتصلين و رساءلهم في اجندا. مجموعة من اصدقاء الراحل  ومن الفنانيين كانوا يزورنه خاصة في المساء  وكان  الفنان الراحل محمد عبد الوهاب  والفنان عمر خورشيد والفنان محمد الموجي من اكثرهم ترددا على منزله.

غير بعيد عنها كانت السيدة سلوى عبد الجبار  توزع  بعض الكتب  التى تحمل توقيعها ودعوة منها  للترحم على حليم، بادرتنى قائلة:” انا لا احبه انا اعشقه ،  كنت لاازال في السنوات الاولى من التعليم الابتدائي عندما سمعته لاول مرة  فحصلت معي رجة جعلتنى من يومها  لا اسمع سواه، هو ليس فنانا فقط  هو اكبر من ذلك هو صاحب رسالة ، عندما نتمعن في تفاصيل حياته نحس بشيء غريب وغامض يلفه، الشيء الذي دفعني لان اجمع كل التفاصيل عن فنه وحياته لاصدرها في كتاب عن سيرته.

عرفنى الفنان سعيد عثمان عن مجموعة من رابطة “احباء عبد الحليم حافظ” من ضمنهم  السيد حسن المغوري  قمة في الاناقة والذوق الرفيع، مصمم ازياء معروف وجدته يضع باقة زهور جميلة على قبر حليم ويقرا الفاتحة على روحه،  وعندما طلبت رايه في اناقة الفنان الراحل قال انه من كان من اكثر الفنانين اناقة، كما كان موجودا من ضمن الرابطة الدكتور زياد ماجد والدكتور اشرف عبد الرحمان والاستاذ اسامه نصار والاستاذ احمد الطنطاوي والمصور الصحفي رافت زين والشاعر مصطفي مختار  الذي كتب عدة قصائة رثائية عن عبد الحليم اشهرها “مداح القمر”.

الفنان سعيد عثمان: فيلم في السنما جعلني اتيه في حب العندليب وانا عمرى 11

من كثرة تعلقي به اراه في منامي واحس به جنبي عندما اغني

امام المدفن جلس جزء من عشاق عبد الحليم على حصير خفيف ارضا ، متكئين على الحائط يدندنون بعض اغاني عبد الحليم، وعندما اقبل عليهم الفنان سعيد عثمان طلبوا  منه ان يطربهم ببعض اغانيه  فغنى لهم “عاش الى قال” و”بالاحضان” و”نقابل ناس نفارق ناس” غنى بتاثر كبير ابكى الحاضرين فسالته عن سر تعلقه الشديد بعبد الحليم حافظ، فاوضح لي ان القصة بدات  عندما ذهبت للسنما لمشاهدة فيلم في الثمانينات فبثوا قبل عرض الفيلم اغنيته الشهيرة “موعود” فغلبني البكاء وانا عمرى 11 سنة  ومن يومها وانا متعلق به  وعاهدت نفسي على ان احفظ فنه وتراثه وان لا اقدم الا اغانيه ، والحمد لله كل حفلاتى خاصة الى تقام في الاوبرا ناجحة ويواضب على حضورها عائلته الكريمة وخاصة  الحاجة زينب ابنة اخته ومحمد شبانة ابن اخوه التى تجمعني بهم علاقة قوية والذين لايدخرون جهدا في الحفاظ على مقتنياته وتراثه ، كما يواضب على حضور حفلاتى بعض  معاصريه من الفنانيين مثل  لبنى عبد العزيز التى تاثرت الى حد البكاء عندما غنيت “اسمر ياسمراني”،  وفي كل حفلة كنت اغني “جبار” بطلب من الجمهور رغم صعوبتها . انا حريص ايضا ان يكون معي في فرقتى “شموع” بعض العازفين من فرقة حليم مثل القامة فاروق سلامة وعازف الاورغ مجدي الحسين .تردد قليلا قبل ان يظيف باقتضاب: “من شدة تعلقي به اراه احيانا في منامي  واحس به بجانبي عندما اغني  على المسرح خاصة عندما اادي “جبار “.

الفن متواصل داخل عائلة عبد الحليم مع حفيده  نور الشناوي

احياء الذكرى السنوية لرحيل  العندليب الاسمر لاتقتصر على الذهاب الى مقبرته ولكن  مجموعة من عشاقه يزرون منزله في الزمالك  ويتصلون باسرته، ولان الوقت لم يسعفنا للمرور على اسرته  برغم التنسيق المبدئي مع محمد شبانة ابن اخيه وترحيبه الكبير، فقد اتصلنا بنور الشناوي حفيد عبد الحيلم  وهو شاب موهوب  انتج مجموعة من الالبومات الخاصة به والتى لاقت رواجا كبيرا، ورغم افتخاره الشديد بفن عبد الحليم الا انه يصر ان يعرف بانتاجه الخاص  كما اكد لنا ذلك موضحا :”احاول ان اقدم محتوى وفنا مختلفا يتماشي مع العصر وموجها لجيلي من الشباب، وانا ارى ان فن حليم يجب ان يضل كماهو ويتغنى بنفس الاحساس  ونحن كعائلته لنا كل الشرف والافتخار لان جمهوره مازال متعلقا به، فعبد الحليم دخل التاريخ بموهبته وفنه واحساسه الفريد.

الكاتب الصحفي طارق مرسي : حليم سيظل ترند الاغنية المصرية العربية ،وخلوده  لم يقتصر على اغنياته وحياته بل جسده الذي لم يتحلل

اردت وانا اكتب عن اجواء ذكرى عبد الحليم 45 ان اقدم تفاصيل اكثر عن حقيقة فتح مقبرته وعدم تحلل جثته ، اتصلنا بالكاتب الصحفي طارق مرسي  الذي اذاع هذا الخبر لاول  مرة في مجلة  روز اليوسف في ذكراه  29، وعن وقائع اكتشاف جثته التي لم تتحلل اجابنا طارق مرسي : خلود حليم لم يقتصر علي اغنياته وحياته بل جسده الذي لم يتحلل وبقي كما هو منذ وفاته وكنت شاهد عيان علي اكتشاف المفاجأة وانفردت بكل تفاصيلها علي صفحات مجلة روزاليوسف اثناء قيام  الاسرة باجراء تأمين مقبرته قبل تسلل المياه الجوفية لها وبعد الحصول علي فتوة لفتح المقبرة من الازهر الشريف واستخراج رفاته فؤجي الجميع بعدم تحلل جثته بل محتفظا بكل جسده كما هو وقت وفاته في مفاجأة اذهلت عشاقه ومحبيه .

وحول الاثر الفني لعبد الحليم اجابنا طارق مرسي:”-كتالوج  عبد الحليم حافظ الغنائي لم يفقد سحره وتأثيره لانه اتسم بالصدق والاصالة  والتنوع واغنياته  سجلت أرقى المشاعر والانفعالات الإنسانية السامية رغم ظهور عشرات الأصوات بعده ما زال هو تريند الغناء المصري والعربى بفضل حرصه علي احترام عقل وذوق المستمع وتمسكه في الوقت نفسه بقيم وأخلاقيات المجتمع وتقديم أعمال تحتوى على المتعة والمعرفة وتشيع البهجة وترقى بالذوق العام وتساهم بكبرياء فى تهذيب المشاعر الراقية ومحافظًا على العادات والتقاليد والموروث الشعبى المصري والعربي  والذي يتطرق فيه من القضايا الاجتماعية إلى العاطفية المهمة والدينية العميقة ولهذا بقى صوت وتراث العندليب شامخًا وخالدًا أمس واليوم وغدًا وعابرا لكل الاجيال .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى