مقالات كل العرب

إنزلاق المغرب في كماشة صهيون.. قراءة في مآلات مظلمة

شارك

انزلاق المغرب في كماشة صهيون
قراءة في مآلات مظلمة

أ.نسيم قبها

باتت العلاقات الديبلوماسية الروتينية مع الصهاينة تطبيعات أكلها غبار الزمن ، وصار التطبيع اليوم منتقلا من العلاقات الإستحيائية مع الأنظمة المطبعة، إلى اتفاقيات اقتصادية و عسكرية و ثقافية و علمية، وهي تتويجا سياسيا مدفوعا بليل المؤامرات ، و غدت مراهنة الأنظمة المطبعة على هذا التعاون باعتباره المخرج و المنقذ من الأزمات القائمة و القادمة كما يخيل لها ، هذا ما رأيناه من خلال المراهنة على التعاون و التطبيع مع الكيان الصهيوني في المغرب ( لجنة القدس اليتيمة) و في الأردن و الإمارات و باقي البلدان المطبعة.
لن ندخل في تفاصيل زيارة وزير الحرب الصهيوني إلى الرباط خلال الأيام الماضية، و قيامه بتوقيع اتفاقيات تعاون عسكري مع نظيره المغربي، وحضوره وعساكره بزيهم الذي طحنوا به أبناء غزة ولبنان ، وما خفي أعظم .
وإذا اعتبرنا منذ البداية أن خطوة التطبيع مع هذا الكيان خذلان للشعب المغربي بداية ونهاية ، لأن أبناء المغرب ككل العرب من مسقط حتى نواكشوط ، لا يعتبرون القضية الفلسطينية قضية ثانية أو ثانوية يتضامنون معها، و إنما هي قضية كل مغربي ، و المظاهرات الحاشدة التي شهدتها المدن المغربية طيلة العقدين الأخيرين كان مفجرها الانتهاكات الصهيونية ضد حقوق الشعب الفلسطيني و ضد المقدسات الإسلامية في القدس الشريف، نأسف منكسرين عاطفيا لزيارة (مجرمي الحرب ) للمغرب و الإحتفاء بهم من قبل مسؤولين مغاربة و استقبالهم استقبال الفاتحين .
ولأن العديد من التقارير الإخبارية قبل أشهر مضت في وسائط الإعلام تحدثت عن سرقة سياح إسرائيليين لبعض المناشف و الشوكات و غيرها من الأدوات الخاصة ببعض الفنادق في دبي، مع أن الإعلام الإماراتي سكت عن الخوض في مثل هذه الأمور حتى لا يؤذي مشاعر الحليف و الوافد الجديد ، فكان من الواجب على أهل البيت إكرام الضيف حتى لا يسرق .
لقد كان تسريب هذه الأخبار من بعض المستثمرين في مجال الفندقة من الأجانب و الذين تنبهوا إلى نقص بعض الأدوات و الأشياء الصغيرة من الغرف بمجرد خروج السياح الإسرائيليين، و هو الأمر الذي دعاهم إلى التنبه و التحذير من مثل هذه الممارسات الشاذة…”
إن استحضار ( ملف السرقة) في طباع الإسرائيليين ، هو حاجة برغماتية لتنبيه “الحالمين” المغاربة و العرب، إلى مخاطر الانزلاق وراء أوهام التعاون و التكامل مع الكيان الصهيوني، لأن هذه السرقة السيركية ، تحمل في العمق ملامح مستقبل مظلم ينتظر البلدان العربية المطبعة مع هذا الكيان الاستيطاني الإحلالي، فيكفي النظر إلى تجربة مصر البائسة والسباقة للتطبيع مع الكيان الصهيوني ، وما حققته مصر من هذا التطبيع مع الصهاينة؟وذات الأمر ينطبق على الأردن؟ بل ماذا حققت السلطة الوطنية الفلسطينية المنبثقة عن اتفاق اوسلو سياسيا مع إسرائيل ؟.
فعلى الرغم من تسميم الراحل “ياسر عرفات” وتصفيته جسديا ومعنويا رغم الجهود التي قام بها في إيجاد تسوية سياسية مع الكيان الغاصب ، الأمر الذي لم يشفع له من طبائع الغدر والإنقلاب الصهيوني.
إن الحركة الصهيونية التي اغتصبت وطن فلسطين من أهله، و نهبت بيوت و أملاك الفلسطينيين عام 1948 و ما بعدها، ذلك أن ” احتلال العصابات الصهيونية لفلسطين عام 1948 لم يكن مجرد عمل عسكري، تقني، جاء بمقتضيات الحرب، بل هو كما أصبح معروفًا، كان خطة منظمة لعملية نهب واسعة النطاق، تجاوزت احتلال الأرض نحو نهب كل ما يملكه المجتمع الفلسطيني، حتى على الصعيد الخاص، يتساوى هنا احتلال منزل، بنهب سجادة فارسية أو الاستيلاء على كرسي، أو سرقة مكتبة.
و قد استند التقرير على كتابات كتاب صهاينة عاصروا حقبة 1948 و ما بعدها، و قد أقروا بأن ما حدث هو نهب لجميع مناحي الحياة، وقد وصف “فيرنر سيناتور” المدير العام للجامعة العبرية أن ما حصل في القدس من نهب بأنه “هجوم جراد على الميدان” (من أرشيف بن غوريون).. في كتاب “تيشا كابين: القدس في معارك حرب الاستقلال” بدأت عمليات السطو والنهب بمشاركة جنود ومدنيين اقتحموا المنازل الخالية وحملوا الأثاث والملابس والأجهزة والمنتجات الغذائية .
إن هذا الهجوم الذي عانت منه فلسطين قبل نحو 7 عقود سوف يمتد في القادم من الأيام للبلدان العربية المطبعة، و صيغة الهجوم ستكون المطالبة بتعويض و استرداد ممتكات اليهود في البلاد العربية قبل أن يهاجروا منها إلى أرض فلسطين، التي اغتصبوها بقوة الحديد و النار ، و هجروا أهلها و نهبوا ممتلكاتهم و حقوقهم ، كما لو أن أرض فلسطين كانت خاوية على عروشها و لم يكن بها شعب عربي و مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى