مقالات كل العرب

حب الذات أنانية؟!!

شارك

حب الذات أنانية؟!!

أ.إيمان الشافعي

سؤال يطرح نفسه على العديد منا ووصمة يتهم بها بعضهم بعضا والحقيقة أن بينهما خيط رفيع، ولكن لأننا شعوبا لم تطرح مفهوم حب النفس وأطلقت قيم إنكار الذات على علاتها فأضحينا نتردى بين هذه الأطروحات حتى الآن.

والسؤال الذي يلح علينا الآن كيف أحب نفسي دون أن أصبح أنانيا؟!

أولا: كلنا جبلنا على حب ذواتنا وهذا مراد الله في خلقنا، فأنت إن أحببت ذاتك أكرمتها وحفظت جسدك وصحتك وراعيت عقلك وحكمتك والأكثر من ذلك أنك ستصبح أكثر قدرة على العطاء، لأنك إنسان سليم المظهر والجوهر، أما أن تفني عمرك في إسعاد من حولك دون أن تعير ذاتك اهتماما فهذا قتل معنوي للنفس التي كرمها الله ورعاها بكثير من التعليمات التي وإن نفذناها نجونا.

وهنا يأتي دور الأمثلة كيف أحب نفسي؟

لا تؤدي دور غيرك في الحياة فتثقل على نفسك وتفسد غيرك!

أرى كثيرا من الآباء والأمهات والأخوات يقوم الواحد منهم بكل واجبات الأسرة دون الآخرين، يكسب المال، يعد طلبات المنزل، يطهو الطعام، يقوم بتوصيل كل أفراد الأسرة إلى حيث يريدون وفي النهاية هو منهك القوى، وباقي أفراد الأسرة متواكلون ومستنطعون فيخلق جيلا لا يقدر المسئولية وإن تكاسل عن ما لا يحتمل نعتوه بالأنانية.

الحقيقة أنك ستكون أنانيا عندما لا تؤدي دورك الموكل لك وفي المثال الذي ذكرته هذه التهمة ما هي إلا إسقاط لا شعوري للآخرين حيالك، فلا تبتئس هذه هي طبيعة البشر.

دلل نفسك (خدلك بريك)

لا وقت لتلك الشخصيات التي تؤثر غيرها لأن يأخذ قسطا من الراحة، دوما يعمل بالرغم أن الترويح عن النفس مهم لصفاء الروح والذهن، فعندما لا نجدد طاقتنا نحن لا نعمل بكفاءة، لذا سيقل أدائنا في العمل وبالتالي سنشعر بالنقصان ونسيئ لذواتنا وللآخر، فقضاء الوقت للمتعة ليس أنانية بل ضرورة.

وأبسط الأمور عندما تسألني صديقة، ابني يختبر غدا في جامعته وأنا في حاجة لنزهة ولا أستطيع الخروج من أجله، الحقيقة أداري دهشتي خاصة أنها لن تفيده بجلوسها معه، فالبطبع سألتها:

ـ وهل تستذكري له دروسه؟!

فأجابت بلا.

ـ فماذا لو تأخذين كوبا من العصير مع قطعة شيكولاتة وتشاهدين فيلما مسليا وغدا تتنزهين مع ابنك؟!

المنطقة الحمراء

لكلا منا خصوصية ومسافة معينة لا يصح أن يتخطاها الآخر مهما كان درجة قربه منا، ولكننا نجد أشخاصا لا يفهمون قيمة الوقت الذي هو أهم ما يمكننا الحفاظ عليه، فنجدهم يسنحون الفرصة لاقتحامهم وهم دوما مشغولون ومقصرون في أعمالهم المنوطين بها، والكل يلقي باللوم عليهم فقط لأنهم لا يعرفون كيف يرتبون الأولويات ويمنحوا الجميع تصريحا بإزهاق ذواتهم في أي وقت.

خطوة للخلف

صديقة هاتفتني للخروج معي اليوم للترويح عن النفس وهذا موعد ممارسة الرياضة لدي، بالطبع هنا تختلف الأولويات فلو كان الأمر متعلقا بحالة طارئة أو مرض مفاجئ كانت الإجابة. نعم أما هذه الحالة فسأرفض، لأن الرياضة هي حق جسدي علي وعلى هذه الصديقة أن تعي ذلك وفي مجتمعنا العربي يجب أن نعود خطوة للخلف ونعيد النظر في علاقتنا ونصحهها حتى لا نفسد أنفسنا.

الحرية

من حقي أن أحكي ما أريد وليس من حق أحد أن يسأل عما لا أريد البوح به وهذا يسمى خصوصية تحترم وعكسها انتهاكا لا يغتفر.

من حقي أن أعبر عن رأيي دون أن أحجر على رأي الآخر وليس من حق أحد أن يلقي على الآخر اتهامات ويطلب منه الصمت حيالها وإلا أصبح أنانيا يعيش في المجتمع بمفرده.

هذا المقال لم يغطي الموضوع كاملا فهو يحتاج لعدد من المقالات، وإنما قدمت بعض الأطروحات لأساعد في فض الاشتباك بين مفهومين إنسانيين يحدث بينهما التباسا في عالمنا العربي الشائك المراس، بينما سبقنا الغرب ليس بالتكنولوجيا والإبداع وإنما بإدراكهم قيمة حب الذات وإعلاء شأنها وبالتالي احترموا الآخر.

فمن يحب ذاته يتسع قلبه للجميع.

 

صحفية وأديبة مصرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى