آدم يبدع في اولى مشاركاته في مهرجان قرطاج: ليلة طربية ستحفر في الذاكرة

آدم يُبدع في أولى مشاركاته بمهرجان قرطاج:
ليلة طربية ستُحفر في الذاكرة
أ. شيماء اسماعيلي
أحيا الفنان اللبناني آدم ليلة استثنائية على ركح مهرجان قرطاج الدولي، في أول صعود له على هذا المسرح العريق، الذي لطالما اعتبره امتحانًا حقيقيًا ونقلة مفصلية في مسيرته الفنية. وكان آدم قد صرّح في وقت سابق أنه رفض الغناء في تونس ما لم تكن أولى خطواته من قرطاج، تقديرًا لقيمته التاريخية والفنية، ولما يمثّله هذا الصرح من رمزية في المشهد العربي.
وقدّم آدم عرضًا طربيًا استثنائيًا، تميز بصوت رجولي قوي نفتقده منذ سنوات في الساحة الفنية، صوت يحمل ملامح الزمن الجميل بنقاء وإحساس أصيل، وهو من القلائل من أبناء جيله الذين ما زالوا محافظين على هذا الخط الفني النبيل.
خلال السهرة، أمتع آدم الجمهور بباقة من أغانيه الخاصة التي صنعت بداياته، على غرار “خلص الدمع” و**”كيفك إنت”، فغنّى بإحساس عالٍ وصوت قادر على اعتلاء الطبقات العالية بثقة واقتدار، وسط تجاوب جماهيري لافت. كما قدّم مجموعة من الأغاني الشرقية الكلاسيكية مثل “أكذب عليك” لوردة الجزائرية، و”أنا بعشقك” لميادة الحناوي، وأهدى الجمهور لحظة مؤثرة بأداء أغنية “الأسامي” للفنانة الراحلة ذكرى محمد، بأسلوبه الخاص الذي أمتع الآذان وأحيا الذاكرة الفنية.
وما زاد من وهج هذه الليلة الطربية، أن عدد الحضور الجماهيري في حفل آدم كان لافتًا واستثنائيًا، حيث امتلأت مدارج قرطاج بالكامل، في مشهد لا يقل عن الإقبال القياسي الذي حظيت به حفلات كبار نجوم الدورة على غرار نانسي عجرم، نجوى كرم…. هذا الزخم الجماهيري يؤكد أن آدم نجح في فرض اسمه بقوة واستحقاق، وترك بصمته في واحدة من أعرق المحطات الفنية في العالم العربي.
آدم لم يكتفِ بالغناء، بل كان حضوره قويًا طاغيًا، ملأ كل أرجاء المسرح، وكان واضحًا حجم الشغف والانفعال الذي حمله إلى ركح قرطاج، حتى أنّه سجد على خشبة المسرح في نهاية الحفل، في لحظة مؤثرة جسّدت امتنانه لهذا الإنجاز، وللجمهور الذي احتضنه بحرارة.
ومن اللافت أن صعود آدم إلى مهرجان قرطاج لم يكن مجرد صدفة، بل جاء بعد مشوار طويل من التعب وبناء ريبيرتوار فنيّ غني وقيّم، جعله أهلًا لهذه اللحظة٫ وهو فنان نال اعتراف كبار الفنانين، وعلى رأسهم الفنان جورج وسوف، الذي أشاد بصوته وإمكانياته الفنية، وهو ما يعكس ثقل آدم ومكانته في الساحة الغنائية.
و قد عبّر آدم عن سعادته الكبيرة بوقوفه على ركح قرطاج، مؤكدًا على رمزية هذه المحطة في مسيرته، و أظهرت هذا تصرفاته التلقائية ( كأن يضع يده على صدره ويغمض عينيه ) ما يعكس حجم الدهشة والفرح الذي عاشه.
وقد وُصفت السهرة بأنها من أنجح سهرات الدورة الحالية فنيًا وجماهيريًا، ومن المنتظر أن تكون هذه المشاركة بوابة لعودة متكررة للفنان آدم إلى المهرجانات التونسية، وسط ترحيب كبير من جمهور يعشق الصوت الطربي الأصيل.