مقالات كل العرب

تونس: الأطباء الشبان يصعدون.. و مسيرة احتجاجية أمام المسرح البلدي

شارك

تونس: الأطباء الشبان يصعّدون… ومسيرة احتجاجية أمام المسرح البلدي

أ. رجاء السنوسي

نظّم عدد كبير من الأطباء الداخليين والمقيمين مساء يوم الثلاثاء، مسيرة احتجاجية انطلقت من شارع الحبيب بورقيبة ووصلت إلى محيط المسرح البلدي، بدعوة من المنظمة التونسية للأطباء الشبان، للتنديد بما وصفوه بـ”غياب نية تفاوض حقيقية من طرف وزارة الصحة”، في ظل أزمة مفتوحة بين الطرفين منذ أشهر.


خلفية التحركات
يأتي هذا التحرك في سياق تصاعد التوتر بين الأطباء الشبان ووزارة الصحة، حيث قرّرت المنظمة الشروع في إضراب مفتوح بداية من 1 جويلية، يشمل مقاطعة التربصات والعمل بالمستشفيات الجامعية. وقدّر عدد المضربين بما يقارب 7 آلاف طبيب بين داخليين ومقيمين.

وتقول المنظمة إن هذا القرار جاء إثر “فشل الجلسات التفاوضية الأخيرة، وعدم تقديم الوزارة لأي تعهدات عملية”، معتبرة أن الاستجابة الرسمية اقتصرت على بلاغ دعت فيه وزارة الصحة الأطباء إلى الالتحاق بمراكز عملهم، دون النظر في المطالب المرفوعة.

المطالب المطروحة
تتمثل أبرز مطالب الأطباء الشبان في:
تحسين المنح الشهرية ومنحة الساعات الإضافية، والتي اعتبروا أنها لا تتناسب مع حجم الجهد المبذول وظروف العمل.
مراجعة ظروف وآليات الخدمة المدنية، خاصة في ما يتعلق بالأجور والتنقل.
إصلاح منظومة التربصات الطبية، وضمان ظروف تربص لائقة ومؤطرة.
إرساء آليات واضحة للحماية من التجاوزات داخل المستشفيات، خصوصًا ما يتعلق بعلاقات المتربصين مع رؤساء الأقسام.
غياب الردود الرسمية
حتى مساء اليوم، لم يصدر أي تعليق رسمي مباشر من وزارة الصحة بخصوص المسيرة أو قرار الإضراب المفتوح، باستثناء البلاغ الصادر عشية 30 جوان، الذي اعتبرته المنظمة “محاولة للضغط والتهديد غير المباشر”.

في المقابل، أعرب العديد من الأطباء المشاركين في المسيرة عن أملهم في أن تفتح السلطات قنوات حوار جادة لتفادي مزيد من التصعيد، مؤكدين تمسكهم بحقوقهم دون المساس بحق المرضى في الرعاية.

استمرار التحركات
أكدت المنظمة أن تحركاتها الاحتجاجية ستتواصل خلال الأيام المقبلة، إذا لم يتم تسجيل أي تطور ملموس في الملف. كما لوّحت بخيارات تصعيدية تشمل الاعتصام وتنظيم وقفات جهوية في مختلف الولايات، بدعم من بعض النقابات والهيئات المهنية في القطاع الصحي.

تضع هذه الأزمة المتصاعدة بين الأطباء الشبان ووزارة الصحة تونس أمام اختبار جديد في إدارة الملفات الاجتماعية الحساسة، خاصة في قطاع يُعدّ من بين الأعمدة الحيوية لأي دولة.
ففي وقت تشتكي فيه المستشفيات العمومية من نقص الموارد البشرية، تبرز هذه التحركات كمؤشر واضح على أزمة ثقة متنامية بين الكفاءات الشابة والسلطة، عنوانها الأبرز: الكرامة المهنية والعدالة الوظيفية.

يبقى مستقبل هذا الملف رهين ما إذا كانت الحكومة ستختار لغة الحوار والانفتاح، أم ستراهن على سياسة التجاهل أو المعالجة التقنية للأزمة. في كل الحالات، فإن ما يحصل اليوم لا يمثّل فقط معركة مطالب، بل يعكس أيضًا رغبة جيل كامل من الأطباء في صياغة عقد جديد مع الدولة، قائم على الاعتراف، والإنصاف، والشراكة في القرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى