تونس تختتم ملتقى الرواية العربية: الحلم بوصفه مرآة للذات و الواقع

تونس تختتم ملتقى الرواية العربية: الحلم بوصفه مرآة للذات والواقع

أ. رجاء السنوسي
اختتمت تونس، مساء السبت 13 ديسمبر 2025، فعاليات الدورة الثالثة من ملتقى تونس للرواية العربية، الذي نظمه بيت الرواية تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية، بعد عودة طال انتظارها إثر سنوات من التوقف منذ جائحة كورونا. دورة وُصفت بالاستثنائية، ليس فقط من حيث التنظيم، بل أيضًا من حيث عمق الأسئلة المطروحة وغنى النقاشات الفكرية.

الملتقى، الذي احتضنته دار الكتب الوطنية وفضاء راعي النجوم بمدينة الثقافة، جمع كتّابًا ونقّادًا وباحثين من سبعة عشر بلدًا عربيًا، التفّوا حول محور جامع حمل عنوان: «الحلم في الرواية العربية»، في محاولة لقراءة هذا المفهوم بوصفه أداة سردية، وفضاءً رمزيًا يعكس قلق الإنسان العربي وأسئلته الوجودية.

جلسة ختامية بعمق فكري
اليوم الختامي تميّز بجلسة علمية احتضنتها دار الكتب الوطنية، خُصصت لنماذج من الرواية العربية التي اشتغلت على الحلم بوصفه بنية سردية ودلالة نفسية. الجلسة أدارها الأكاديمي التونسي مصطفى الكيلاني، الذي قدّم قراءة معمّقة في رواية «البحث عن وليد مسعود» لجبرا إبراهيم جبرا، مسلطًا الضوء على ما أسماه بـ«المبهم الشبحي في النفس»، حيث يتقاطع الحلم مع الذاكرة والهوية والبحث عن المعنى.
النقاش اتّسع بمداخلات متنوّعة أكدت ثراء التجربة الروائية العربية واختلاف مقارباتها. من قطر، قدّمت هدى النعيمي قراءة في الرواية النسوية الخليجية، مبرزة تعدّد مستويات الحلم في السرد النسائي بين الذاتي والاجتماعي والرمزي. أما الباحث السوري هادي دانيال فتوقّف عند رواية «هجرة السنونو» لحيدر حيدر، معتبرًا الحلم فعل مقاومة ومساءلة للواقع لا مجرّد هروب منه. في حين قدّم نادر حسن علي كاظم من البحرين قراءة تاريخية لمسار سرد الحلم في الرواية العربية، متتبعًا تحوّلاته من البدايات إلى النماذج المعاصرة.

الرواية في مواجهة أسئلة اليوم
وفي الفترة المسائية، تحوّل فضاء راعي النجوم إلى ساحة حوار مفتوح، جمعت الروائيين والنقّاد بالجمهور في لقاءات مباشرة، طُرحت خلالها أسئلة الكتابة، وهموم النشر، وتحولات الذائقة القرائية، إلى جانب واقع الرواية العربية في زمن التحوّلات السياسية والاجتماعية المتسارعة.
الملتقى اختُتم في أجواء اتسمت بالحيوية والثراء الفكري، مع إجماع المشاركين على ضرورة استمرارية هذا الموعد الثقافي ودوره في دعم البحث السردي، خاصة الدراسات التي تشتغل على مفاهيم مثل الحلم، والذات، والهوية، وعلاقتها بالواقع العربي الراهن.
وبعودته بعد سنوات من الغياب، أكّد ملتقى تونس للرواية العربية مكانته كأحد أبرز الفضاءات الثقافية العربية، ومنبرًا للحوار الجاد بين الإبداع والنقد، ورافعة حقيقية لتجديد التفكير في الرواية العربية وأسئلتها المفتوحة.




