صندوق القراءة التابع لهيئة الثقافة بدبي يقيم امسية تحتفي بالشاعر الإماراتي محمد بن خليفة بن حاضر المهيري

صندوق القراءة التابع لهيئة الثقافة بدبي يقيم:
أمسية تحتفي بالشاعر الإماراتي محمد خليفة بن حاضر المهيري
ابراهيم الهاشمي: ، أقترح أن تُنشأ “جائزة للشعر” باسم الشاعر الراحل ليظل اسمه حاضراً في تاريخ الإمارات.”
أ. شاكر نوري ـــ دبي
أقام “صندوق القراءة”، التابع لهيئة الثقافة في دبي، والكائن في سيتي سنتر مردف، أمسية بعنوان “الشاعر محمد خليفة بن حاضر المهيري”، وذلك في إطار سعيه لزيادة التفاعل مع الجمهور. أدارت الأمسية أميرة بو كدرة، التي حاورت الأستاذ الشاعر إبراهيم الهاشمي، مدير مؤسسة العويس الثقافية، والذي أصدر كتاباً عن الشاعر الراحل.
عُرِفَ الشاعر بلقب “الثائر”. وقد عبّر عن مبادئه الراسخة في قصيدته “الحُرّ”، المنشورة في ديوان “موكب الحب والحياة”،
بدأت أميرة بو كدرة حوارها بسؤالٍ مباشر: “أستاذي، من هو محمد بن حاضر؟”
أجاب الهاشمي: “بسم الله الرحمن الرحيم. محمد بن حاضر شاعر إماراتي مخلص، محب لوطنه، محب للغته، ومحب لأمته. كان يكتب ما في قلبه بوضوح شديد، وقوةٍ في الحق. قد تكون هذه المعلومات موجودة في الكتاب، ولكنني سأتكلم عن شخصية هذا الإنسان الذي عرفته عن قرب وعايشت جزءاً من تعامله مع الناس، وسأعطي موقفاً عن شخصيته.

كنا في مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، رئيس الدولة (حفظه الله)، حين كان ولياً للعهد. وكنت أجلس في مكانٍ قصيٍّ (بعيد) من المجلس. وعندما همَّ الشيخ محمد بالانصراف، رآني محمد بن حاضر، فأمسك بيد الشيخ محمد – لا أعرف الحوار الذي دار بينهما – ثم جاء نحوي وسحبني إليه وقال: “يا طويل العمر، أريد أن أعرّفك على هذا الرجل”. كان “تقدير الذات” لديه عالياً جداً.
إلى جانب ذلك، كان شخصية “خدومة” جداً. يروي الأصدقاء أنه عندما تعرض أحد الكُتاب لموقف صحي صعب، أمضى محمد بن حاضر ليله ساهراً، وفي الصباح كان ذلك الكاتب في المستشفى يُعالج على حساب الدولة.
تكتشف الشخصية الحقيقية في السفر، وقد عايشته في سوريا، فكان شخصية مختلفة في التعامل. كان عضواً في المجلس الوطني، وقريباً من سلطة القرار؛ علاقته بالشيخ محمد بن راشد (أطال الله في عمره) ، والشيخ مكتوم، والشيخ زايد (رحمهما الله) كانت قوية. ولكنه، على عكس آخرين، لم يستغل هذه السلطة لمنفعة شخصية، بل وظّفها لخدمة الناس ومساعدة غيره.
أنا شخصياً لا أنسى دوره يوم تأسيس “طيران الإمارات” عام 1985. كان حاضراً في المقابلات الشخصية التي أجراها الشيخ محمد لاختيار الدفعة الأولى من المواطنين. في الساعة السابعة صباحاً، رنّ هاتف منزلنا، وطلبني من والدتي ليخبرني: “مبروك، الشيخ محمد اختارك”. لقد أراد فقط أن يشاركني هذا الإحساس الداخلي بالاعتزاز.
محمد بن حاضر، الذي بوفاته تأثر كثير من الشيوخ، ومن ضمنهم صاحب السمو الشيخ سلطان، حاكم الشارقة، الذي أمر بتكريمه. لو تحدثت مليون سنة لن أوفيه حقه.”
انتقلت بو كدرة لسؤال الهاشمي عن عنوان الكتاب: “اخترتَ “شاعر الحرية والحياة”، ماذا كانت تعني له الحرية؟ وماذا عن الحياة؟”
أجاب الهاشمي: “كان محمد يتعامل بحرية مع كل المعطيات؛ حرية في التعامل، وحرية في اتخاذ القرار. كان يعتقد أن الإنسان الحر هو الذي يستطيع أن يُعطي. ولم أشعر يوماً في أي معاملة أنه يضغط برأيه، سواء خلال تأسيس ندوة الثقافة والعلوم أم في المجالات الأخرى.
لنأتِ إلى المواقف لنكتشف معنى الحرية لديه. يوم تأسيس “اتحاد الكُتّاب”، حدثت مشاكل جمّة. قررت الدولة تشكيل لجنة برئاسته، فتعامل بكل حرية، واستمع لجميع الأطراف، رغم أن جهة معينة كانت تحاول الاستقطاب. اتخذ قرارات صعبة في تلك الفترة، حمى بها الاتحاد، وهو مستمر إلى اليوم بفضل هذا الرجل الذي مارس الحرية مع الجميع.
كان يمارس الحرية في الحوار. وحتى في تعامله مع أسرته، كان حراً في منحهم حرية اختيار تخصصاتهم الدراسية. كان يؤمن أن الحرية هي التي تجعل الإنسان يُخرِج ما بداخله.”
سألته بو كدرة: “هل لمست هذا الشيء في مجلسه الرمضاني؟”
أجاب: “نعم، مجلسه الأدبي كان يضم كل الأطياف. إذا طُرحت قضية، لا يتركها تأخذ منحى واحداً، ولا يتركها لأصحاب اتجاه واحد، بل يأتي بالطرف الثاني ويترك المساحة للجميع للحديث. لم يكن ديكتاتورياً في الحوار. الحرية عنده تعني الاستماع للآخر والمشاركة السليمة.
أما عن الحياة، فكان يتعامل معها بمبدأ “اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً”. كان يؤمن أن الحياة، من بدايتها إلى نهايتها، يجب أن تُعاش. كان مقبلاً على الحياة بشكل جميل، سواء في السفر الذي كان يتعامل فيه بأريحية مختلفة…”

وكان الشاعر الراحل محمد بن حاضرمحباً لاكتشاف العالم؛ عُرِفَ عنه أنه كان إذا زار بلداً يكتب عنه، ونُشر له مثلاً ما كتبه عن الأندلس. كان يحب رؤية المعالم ومعرفة البلد الذي يزوره. كان محباً للأصدقاء، وظل اجتماعياً جداً وخدوماً جداً. يعرف أصدقاؤه كم خدم هذا الإنسان الكثيرين، سواء من الكُتاب أو غيرهم.
كان مقبلاً على الحياة. أذكر أنه قبل وفاته بشهرين تقريباً، قال لي: “أنا ذاهب إلى فرنسا وسأرجع، ولازم أشوفك لنستذكر أيامنا حين كنا نتلاقى في دمشق”، وذكر أن لديه قصائدي كلها وسيُحضرها لي. لقد كان شخصية مقبلة على الحياة حتى الرمق الأخير.
علّقت أميرة بو كدرة : “كما ذكرتَ أستاذ إبراهيم، حياة محمد بن حاضر… ما من أحدٍ عرفه إلا وترك فيه أثراً ولو بكلمة. سبحان الله! كل من كلمه يتذكر تلك الكلمة أو الجملة التي تداولها معه، رحمه الله. لقد كان يضع الكلمة في محلها، وكانت لديه رؤية في الشخص، ونوعٌ من الفراسة، الله يرحمه ويغفر له.”
تابعت بو كدرة: “والآن نأتي إلى شعره. أريد أن أسألك: هل وجدت المتنبي في شعر محمد بن حاضر؟ وأين وجدته؟”
أجاب الهاشمي : “كان معجباً جداً بشعره. بل إن حبه للمتنبي وشخصيته وصل لدرجة أنه اشترط على أحد أبنائه: “إذا درست الإخراج، فيجب أن تُخرج فيلماً عن المتنبي”. لا أعرف إن كان ابنه قد صنع الفيلم أم لا، ولكن هذه كانت شروط محمد. كان يتمثل به كثيراً.
ولكن، لو أردنا أن نقارن، فشعر محمد بن حاضر أقرب إلى شعراء الأندلس وشعراء المهجر في لغته ورِقّته، بغض النظر عن المتنبي الذي يمثل “القوة” التي كان محمد يؤكد عليها.
لم يُخرج دواوينه خلال فترة حياته، بسبب حرصه الشديد. كان يخشى أن يُطلِع ديواناً وفيه كسرٌ في بيتٍ أو خطأ ما، رغم أن لغته كانت سليمة. كان حريصاً جداً، ومتواضعاً تواضع القارئ الذي يرى أنه لو أخرج ديواناً، فسيصبح مُنتَجاً نهائياً يجب التعامل معه بحذر.
يُعتبر ابن حاضر واحداً من فرسان الكلمة في الإمارات. وطنيته كانت واضحة في طروحاته خلال فترة وجوده في المجلس الوطني، حيث طرح قضايا مهمة تخص اللغة العربية والأسرة. لم تكن وطنيته في كتاباته فقط، بل في مواقفه الواضحة والصريحة. كان محمد عروبياً، قومياً، وطنياً. وكان ملتزماً بذلك. فخلال تلك الفترة، كان أحد المقاومين ضد الصهيونية، وتناول قضايا كثيرة في أشعاره الموجودة في دواوينه. كان وطنياً تماماً، لا أحد يستطيع أن يشكك في مواقفه.”
سألت بو كدرة : “محمد بن حاضر، رحمه الله، كتب في أغراض شعرية متعددة: المدح، الحكمة، النصح، الغزل. أي غرضٍ من هذه الأغراض تحس، أستاذي، أنه برز فيه أكثر؟ أم أنه تميّز فيها كلها؟”
أجاب الهاشمي : ” محمد كتب بالفصحى والنبطي، وكان قوياً في كليهما. ولكني أرى أنه في الشعر النبطي كان “مُجدداً”. كثيرون من شعرائنا اليوم حين تقرئين شعرهم الشعبي، تشعرين كأنك تعيشين قبل خمسين سنة. أما محمد، فقد أخذ المفردة الشعبية وطوّرها، ومنحها بعداً أعمق من البعد المعتاد. كان يتعمق في لغته ليطورها، سواء في الكلمة، أو المعنى، أو المغزى الذي يطرحه.
وكثيرون كانوا يعتقدون أن محمداً شاعرٌ قوميّ يكتفي بالكتابة عن العروبة والوطن، وقد لا يُجيد الغزل. لكنه كتب في الغزل، وكتب الكلمة الرقيقة التي جذبت كثيراً من المطربين ليغنوا له. قد تُغنَّى أغنية وطنية، ولكن أن تُغنَّى له أغنية عاطفية، فهذا يدل على تمكّنه. لقد كتب في جميع الأغراض، حتى في الهجاء، وكان “أنيفاً” (أي راقياً) حتى في هجائه، لأنه كان متمكناً من أدواته.”
تابعت بو كدرة : “وهذا يقودنا للسؤال التالي عن معنى الأصالة، وقد ذكرت هذا الموضوع في الكتاب. على قدر ما كان حريصاً على الأصالة، كان ضد “الطلسمة” (الغموض المفتعل) التي كان يرفضها؟”
أجاب الهاشمي : “الأصالة هي أن تكون ملتصقاً بأمتك، بوطنك، بقضاياك. هناك من “يلف ويدور” في المواضيع. لنكن صريحين، ما دام محمد خليفة (بن حاضر) حاضراً معنا. اليوم عندما أقرأ قصيدة تقول (مثلاً): “ذبابة، في درج على طاولة السمّاك، درج سكين…” وأقول هذه قصيدة. هو كتب قصيدة التفعيلة، وكتبها بشكل جميل. لكنه كان ضد هذه “الطلسمة” (الغموض المفتعل). أن آتي وأصفّ الكلمات جنباً إلى جنب فقط لأثبت أنني شاعر، وعندما تأتي لتقرأ المغزى – سواء كنقاد أو محللين – تتعب لتصل للفكرة الأساسية. هذا ما مارسه كثيرون باعتقادهم أن هذه هي “القصيدة الحديثة”. هذه ليست القصيدة الحديثة.”
علّقت بو كدرة : “أرى أن الشاعر كان يوازن بين الأصالة والحداثة. كان يُحدّث في بعض المفردات، لكن، كما ذكرتَ، ليس معنى ذلك أن يقطع جذوره. أشعر أن محمد بن حاضر قدر أن يصل لهذه المعادلة بين الماضي والمستقبل، ما رأيك أستاذي؟”
أجاب الهاشمي : “هذا يعود لثقافة الشخص. سأرجع للموقف الذي اتصل فيه محمد بالبيت ليخبرني بعملي في طيران الإمارات…”
ثم يتابع إبراهيم الهاشمي حديثه عن أصالة محمد بن حاضر]:
“سأرجع للموقف الذي اتصل فيه الشاعر بالبيت ليخبرني بعملي في طيران الإمارات. فأول من ردّت عليه هي والدتي. سألها عني، لكنها هي التي بادرت بسؤاله: “أأنت ولد فلانة؟” قال: “نعم”. فقالت: “وأنت فلان الفلاني؟” (أي أنها تعرف نسبه جيداً).
هو يعرف الأنساب، ويعرف هؤلاء من هم. هذا جزء من أصالة الإنسان، أن يعرف جذوره. كان “مُلِمّاً”، ولكنه لا يتعالى على الآخرين. كان يعرف تاريخه، وعندما تتحاور معه، تكتشف أنه شخصية “ممتلئة” وثقافة واسعة. لذلك استطاع أن يتناول كثيراً من القضايا وينافح عنها بشكل مختلف، لأنه يدير الحوار بشكل جيد ويقنع الآخرين.
سألت أميرة بو كدرة : “ذكرتَ أستاذ إبراهيم تأثره بالثقافة الفرنسية. هل نستطيع القول إن هذا التأثر هو ما أدى إلى مفهومه الخاص للحرية؟ وأين تجد التأثير الفرنسي في شعره أو كتاباته أو طريقة حياته؟”
أجاب الهاشمي : “تأثيره شمل حتى اللغة الإنجليزية. كان محباً للأدب الفرنسي، (وأظنه كان معجباً بالكاتب أندريه مالرو، الذي أصبح وزيراً للثقافة). قد لا يكون التأثير مباشراً، بل في اللغة، وفي تناول المواضيع، وفي الأشخاص الذين احتك بهم.
أكيد أن ما قرأه واطلع عليه من الأدب الفرنسي والإنجليزي قد أثّر في تكوين لغته. لذلك، مفرداته مختلفة عن الشعراء الآخرين. كانت قصائده تتميز بتطوير اللغة، فتوظيف الكلمة عنده كان مختلفاً عن كثير من شعراء عصره، رغم أنه كان يكتب المقفى والموزون. اليوم، القصيدة المقفاة والموزونة عند الكثيرين لا تزال في قالبها القديم، أما هو فكان يُعطيك أبعاداً أخرى. اقرأوا قصيدته “شيخ العرب” عن الشيخ زايد، انظروا للصور العميقة والبعد الذي طرحه خلالها.
تُعتبر “شيخ العرب” من روائعه فعلاً. عندما تقرأها، تحس أنك أمام فارس يستعرض قصة وطن من خلال سيرة حياة الشخصية الرئيسية التي كوّنت هذا الوطن.
محمد بن حاضر كان “يُعارض” (بالمعنى الشعري) بعض القصائد. يمكن الكثيرين لا يعرفون أنه عارض قصائد للشيخ خالد الفيصل، وكانت معارضات جميلة جداً.
أنا شخصياً، قبل أن تُطبع دواوينه عن “دار غاف”، كنت أملك 200 قصيدة له. كنت أجمعها له، حتى لو مررت بالمكتب وقال لي: “تعال، عندي قصيدة جديدة”، كنت أطلبها. كنت أجمع ما يُنشر في الجرائد والمجلات، ولو اطلعت على أرشيفي لوجدت أرشيفاً ضخماً له.
انظروا إلى مكانة هذا الشخص عندما توفي؛ أن يتصل صاحب السمو الشيخ سلطان، حاكم الشارقة، ويقول: “أريد كتاباً عن هذا الشخص، أريد أن أكرمه”. لولا مكانته وقيمته في الوطن كشاعر وشخصية وطنية مميزة، لما طلب الشيخ سلطان ذلك. والحمد لله، في تلك الأيام، ساعدتني أسرته الكريمة وأعطوني سيرته وصوره، واعتمدتُ على ما لدي من قصائد ليخرج الكتاب.
اليوم، القصائد متاحة للجميع بفضل الإخوة في “دار غاف”. لكن الشيء الذي قد لا يعرفه الكل، هو أن قصائد محمد بن حاضر، كما نُشرت في دواوينه، هي نصوص مُنقّحة ومُدققة ومُرتبة. نحن أخرجناها كما كان هو يريدها، رحمه الله. لكن تواضعه جعله يؤخّر ويؤخّر النشر. وربما من حسن حظنا في “منشورات غاف” أن تأخر الموضوع حتى قمنا نحن بإخراجه. ويا رب، يكون بالصورة التي تُفرحه وتُفرح عائلته.
وهنا يجب أن أشكر أسرته التي حرصت ألا يخرج هذا الإرث الشعري إلا بعد تدقيق سليم من متخصصين في اللغة العربية. لقد جمعوا أكثر من 16 ألف بيت شعري لهذا الشاعر، وعرضوها على متخصصين لمراجعة هذه النصوص. وهذا دليل على حرص عائلته على أخلاقه وشعره ومكانته. والحمد لله، “من خلَّف ما مات”، وهذا ما نراه في هذه العائلة الكريمة.”
تابعت بو كدرة : “سؤال أخير أستاذي. كان محمد بن حاضر يرى “أن الشعر أقدر على تحريك المشاعر من النثر، وأن القصيدة الواحدة الجميلة تعدل مئات الخُطَب”. ما رأيك؟”
أجاب الهاشمي ضاحكاً : “أتريدين أن تورطيني؟ أنتم كُتاب رواية وقصة. (يضحك). ولكن صدقاً، نسمع الكثير عن دور النشر التي تركز على الرواية والقصة. هل نحن “مجاهدون” لأننا ننشر الشعر هذه الأيام؟
لكن لنراجع التاريخ العربي كله، سنرى أثر القصيدة في تحريك الرأي العام. من ينسى دِعبل الخزاعي وقصائده التي كانت تسعى الخلافة للقبض عليه بسببها؟ اليوم، قصائد الجواهري كانت تحرك المظاهرات. محمود درويش، كنا نحضر في الشارقة، عندما يأتي لإحياء أمسية لا تجد مكاناً. حتى القصيدة المغناة، مثل قصائد مارسيل خليفة، تجعل الناس كلها تغني معه.
سامحيني، هل تستطيع قصة قصيرة أن تفعل ذلك بالشارع؟ الشاعر مباشر وبقوته المباشرة. اليوم، ممكن للشاعر أن ينشر قصيدة تُحدث موقفاً صريحاً عند الحاكم أو المسؤول. المقالة ربما، لكن القصة القصيرة تحتاج وقتاً.
قد نعاتب دور النشر لتركيزها على الرواية، ربما لأسباب تجارية. ولكن، أذكر أننا أقمنا ندوة في الأردن سميناها “استعادة الشعر”، وفوجئنا بعدد الحضور الضخم. نعم، رتم الحياة السريع والازدحام غيّر المعادلة، ولكن الشعر سيبقى هو الشعر، وسيبقى “سيد” الموقف.
اختتمت بو كدرة : “أعتقد أنه ما من ختام أجمل لهذه الجلسة مع الأستاذ إبراهيم. أترك لكم مجال طرح الأسئلة…”
[بعد فتح باب الأسئلة للحضور، جاء تعليق حول دور وزارة الثقافة تجاه الشعراء الآخرين]
أجاب إبراهيم الهاشمي : “محمد بن حاضر وغيره من الشعراء… هناك طبعاً كثير من الشعراء اليوم لهم مكانتهم. ولكن هذه مسؤولية تقع اليوم على عاتق وزارة الثقافة. يجب أن تتحمل مسؤوليتها في التعريف بأدباء الإمارات، وذلك باحتضانهم ودعم مشاركاتهم الخارجية، ليعرف الناس أن في الإمارات أدباً أيضاً. وهذا يشمل جميع مناحي الإبداع، سواء الفنانين التشكيليين أو القاصّين أو الشعراء أو الروائيين.”
ثم أضاف الهاشمي كلمة ختامية كأمنية شخصية:
“محمد بن حاضر… حاضرٌ في قلوبنا. ولكنني أتمنى على أسرته الكريمة الحفاظ على هذا الاسم. الحفاظ على هذا الاسم لا يأتي بمحاضرةٍ فقط، أو بما يُكتب من مقالات، ولا بإصدار دواوينه فحسب.
أتمنى تحويل مكتبته إلى مكانٍ عام يحمل اسمه. أتمنى على أسرته، وهم اليوم في موقع القدرة، أن تُنشأ “جائزة للشعر” باسم محمد بن حاضر، ليظل اسمه حاضراً في تاريخ الإمارات إلى الأبد.”
اختتمت أميرة بو كدرة الأمسية قائلة:
“أختتم معكم هذه الجلسة بأبيات للشاعر الموفق العاني، استشعرتها شخصياً، وأحس أن كل من عايش محمد بن حاضر سيشعر بها. يقول الشاعر:
متى ضاقت بنا أرضٌ ودارٌ
لنا في ذلك السَّلْمِ الرحيمُ.
نشكركم، وشكر هيئة ثقافة دبي. شكراً لصندوق القراءة، ولكل العاملين على هذا المشروع العظيم.”




