الخليج بين واشنطن و خيارات الشرق

الخليج بين واشنطن وخيارات الشرق
قراءة في الاتفاق الدفاعي الاستراتيجي المشترك السعودي الباكستاني وتداعياته بعد ضربة الدوحة
د. محمد بن أحمد المرواني
في 17 سبتمبر 2025، وقّعت المملكة العربية السعودية مع باكستان اتفاقية دفاعية استراتيجية وُصفت بالتاريخية، إذ جاءت بعد أيام قليلة من الضربة الإسرائيلية الغادرة على الدوحة في التاسع من سبتمبر، والتي استهدفت وفداً تفاوضياً فلسطينياً على أرض قطر. هذه الحادثة لم تُحدث زلزالاً أمنيًا في الخليج فحسب، بل كشفت عن خلل عميق في معادلة التحالفات الدولية، وأحرجت الولايات المتحدة التي وقفت صامتة واكتفت ببيانات عامة لم تُقنع الرأي العام الخليجي ولا بددت الشكوك.
السعودية، بوصفها واحدة من أهم الشركاء التقليديين لواشنطن في المنطقة، لم تكن لتخطو هذه الخطوة لولا أن شعورًا متناميًا بعدم الاطمئنان بدأ يتسلل إلى عواصم الخليج. لقد بدت واشنطن بأنها تضع أمن إسرائيل فوق كل اعتبار، حتى لو كان الثمن ترك حلفائها موثوقون عرضة للضربات، وهو ما حدث حين استُهدفت الدوحة بينما أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة تراقب بصمت. عند هذه اللحظة، بدأ الخليج يبحث عن خيارات و تحالفات جديدة تضمن أمنه وسيادته بعيدًا عن الاحتكار الأمريكي.
اختيار باكستان لم يكن عشوائيًا؛ فهي دولة نووية كبرى ولها تاريخ طويل في التعاون العسكري مع السعودية. الاتفاقية الدفاعية بين الطرفين تعني بوضوح أن الرياض أرادت إعادة صياغة معادلتها الأمنية عبر مظلة جديدة تمنحها مجالاً أوسع للمناورة، وتعزز قدراتها الردعية في مواجهة التهديدات. لكنها في الوقت ذاته رسالة سياسية ذكية بأن المنطقة لم تَعُد رهينة لطرف واحد، وأن أبواب الشراكات مفتوحة أمام قوى أخرى.
في هذا السياق، يظل اسم الصين حاضرًا بقوة. فبكين هي الشريك الاقتصادي الأول لدول الخليج، وتمد جسوراً متينة عبر مبادرة “الحزام والطريق”. وإذا انتقلت هذه العلاقة من الاقتصاد إلى الدفاع، فإن ذلك سيعني تحوّلاً استراتيجياً غير مسبوق في موازين القوى. غير أن العواصم الخليجية تدرك حساسية هذه الخطوة، لذلك قد تختار إبقاء هذا الاحتمال في إطار غير مؤطر، أو تؤجل حسمه حاليا ، حتى لا تدخل في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة التي ما تزال تمثل القوة الاقتصادية الأولى في العالم.
و لكنه احتمال اصبح قائما بقوة و ان تم تأجيله
الخليج اليوم يقف عند مفترق طرق تاريخي. فالضربة على الدوحة عرّت الوعود الأمريكية وأظهرت أن أمن المنطقة لا يحتل الصدارة في حسابات واشنطن. وفي المقابل، فإن التحالفات الجديدة مع باكستان أو ربما الصين مستقبلاً تفتح الباب أمام عصر جديد من التوازنات. إنه عصر تنويع الشركاء لا القطيعة مع أحد، لكنه أيضًا إعلان صريح بأن زمن الهيمنة المطلقة قد انتهى.
لقد كان 17 سبتمبر 2025 أكثر من مجرد تاريخ توقيع اتفاقية بين الرياض وإسلام آباد؛ كان لحظة فارقة تُذكّر بأن العالم يتغير بسرعة، وأن الخليج لم يعد مستعدًا لدفع ثمن السياسات الأمريكية المنحازة بلا قيد ولا شرط لإسرائيل. من الآن فصاعدًا، سيكون أمن المنطقة نتاج قراراتها هي، لا أوامر الآخرين.
السؤال الأهم هل ستحذوا باقي دول الخليج حذو السعودية السباقة دائما و تعقد شراكات دفاعية و أمنية مع شركاء جدد ، و من سيكونون هؤلاء الشركاء؟.
انها اول خسارة لامريكا بسبب دعمها الغير محدود للكيان المحتل.