تصريحات القادة الاثيوبيين حول المنفذ البحري بالقوة انتهاك لسيادة دولة وأوهام تطاردهم

تصريحات القادة الاثيوبيين حول المنفذ البحري بالقوة انتهاك لسيادة دولة وأوهام تطاردهم
أ. محمد علي إيمان
منذ فترة والقيادة الإثيوبية،وعلى رأسها رئيس الوزراء آبي أحمد،تُطلق تصريحات متكررة حول ما تسميه (الحق الطبيعي لإثيوبيا في منفذ بحري). وقد انضم إلى جوقة هذه الادعاءات بعض القادة العسكريين الإثيوبيين الذين يلوّحون علنًا باستخدام القوة لتحقيق هذا الحلم الاستعماري الجديد. وصراحة هذه يعد أضحوكة وذلك لما تعانيه اثيوبيا من انقسامات وحروب داخلية في كل اقاليمها المختلفة.
وآبي أحمد ومن يشاركه الوهم، ان إريتريا ليست للبيع،وموانئها ليست متاحة، وسيادتها ليست موضع مساومة من احد.
والشعب الإرتري شعب مكافح وهو صخرة تتحطم عليها كل الاطماع التى تستهدف سيادته على أرضه.
ولقد دفع الشعب الإرتري أنهارًا من الدماء على مدى عقود ليحقق استقلاله ويصون حريته، ولا يمكن لأي خطاب عاطفي أو تهديد عسكري أن ينال من عزيمته، وميناء عصب الذي تحلم به أديس أبابا ليس مجرد منشأة اقتصادية، بل رمز سيادة وتاريخ وكرامة وطنية وكل شبر من الارض الإرترية، وان أي محاولة للمساس به ستُواجَه بمقاومة شرسة حتى آخر إرتري على وجه الارض.
وتصريحات آبي أحمد وقادته العسكريين ليست مجرد لغو سياسي،بل تهديد مباشر للأمن والسلم في منطقة القرن الإفريقي،فإثيوبيا التي فشلت في إدارة شؤونها الداخلية،وهي غارقة اليوم في الصراعات العرقية والحروب الأهلية، تحاول الآن تصدير أزماتها نحو الخارج عبر فتح جبهة عدائية جديدة مع دولة ذات سيادة كاملة في الأمم المتحدة، وهذا السلوك العدواني الذي لا يختلف في جوهره عن سياسات التوسع والهيمنة التي عانى الشعب الارتري في فترة الإستعمار الإثيوبي و العالم اجمع في الحقبة الاستعمارية.
و ينبغي على الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والهيئات الدولية والإقليمية، ان لا تصمت على هذه التهديدات والا عد تواطؤ صريح مع الموقف الاثيوبي، كما حدث في فترة تقرير المصير بحق الشعب الارتري.وخاض كفاح مسلح لمدة ثلاثين سنة دفع فيها ارتالا من ابناءه الشهداء ولجؤ وشتات في في معسكرات لا تتوفر فيها ادنى مقومات الحياة الكريمة في مناطق اللجوء امام سكوت المجتمع الدولي ،ومازالت حتى الان مستمرة معاناة اللجوء سواء بسبب سياسات النظام الارتري القائم نفسه، وكذلك الحرب الحدودية بين ارتريا وإثيوبيا في العام 1998 او بسبب حالة اللا سلم واللا حرب بين البلدين والتوتر الدائم الى التصريحات الأخيرة لابى احمد اليوم.
وبالرغم كل المعانات فإن الشعب الارتري اليوم مثل الامس سوف لن يفرط على سيادته.ولهذا مطلوب موقف واضح وصريح من المجتمع الدولي يردع هذه الطموحات غير المشروعة للساسة الاثيوبيين،لأن الاستهانة بها تعني فتح الباب أمام نزاعات جديدة لا تحمد عقباها في المنطقة والاقليم، بل والعالم.
و قد يظن البعض أن إريتريا اليوم، بما تعانيه من تسلط نظام دكتاتوري وخانق وتشرذم في صفوف المعارضة، تشكل فريسة سهلة للأطماع الإثيوبية،لكن هذا وهم آخر فالإرتريون على اختلاف مواقفهم السياسية، متحدون في قضية واحدة لا يختلف عليها اثنان منهم وهي الأرض الإريترية وهي خط أحمر،كما ان السيادة الوطنية غير قابلة للتجزئة أو التنازل.
وأخيرا آبي أحمد وقادته العسكريون يبيعون لشعبهم وهمًا لن يتحقق. فالبحر الإرتري ليس منفذًا للآخرين، بل هو درع سيادة إريترية. ومن يظن أن بوسعه أن (يسرح ويمرح) على تراب إريتريا، فليستعد لمواجهة شعب لا يعرف الاستسلام، ويجعل من الدفاع عن أرضه قضية وجود لا مساومة فيها.
إريتريا ستظل قلعة حصينة،تتحطم عندها أوهام الطامحين وتتكسر عليها أحلام المتوهمين.
نقطة اخيرة مهمة وهي دعوة لتحكيم العقل.
وهي تتمثل في الاتى:
– على قادة البلدين الجلوس الى طاولة المفاوضات وحلحلت القضايا العالقة من ترسيم الحدود بين البلدين وفق اتفاقية الجزائر للسلام وقرارات مفوضية الحدود الإرترية-الاثيوبية.
– اشراك الشعب في القضايا المصيرية وسيادة القانون.
– الوصول الى تفاهم عقلاني يفدي إلى تعاون بين البلدين في مجالات تعود بالفائدة على مواطني البلدين.
ومن ثم كل هذه سوف يؤدي إلى توقيع اتفاقيات دائمة بين البلدين بخلق موانيء حرة تعود بالفائدة على البلدين.
واذا تطور الاقتصاد والتنمية وحدثت رفاهية الشعوب، فسوف تنتهي الحروب ويحدث التكامل في كافة المجالات. وخير مثال اليوم الاتحاد الأوروبي.
والاوربيون عانوا قرونا من الحروب والدمار قبل نهضتهم الحالية، ولكن في النهاية خرجوا منها عبر التفاوض والتفاهم فيما بينهم إلى ما هم عليه اليوم.
فلماذا لا يستفيد القادة من هذه التجارب الماثلة امامهم، وهي دراسات علمية جاهزة، فقط تحتاج إلى من يطبقها كل حسب واقعه.
ان السلام الحقيقي يحتاج الى شجاعة وتنازلات من جميع الاطراف وتغيير المفاهيم والأطماع الوهمية وسياسات العنجهية والتخلف والحفاظ على كراسى الحكم الذي لم يجلب على هذه الشعوب إلا الدمار والخراب والحرب تلو الحرب.
صحفي ارتيري