مقالات كل العرب

كيف يبدو رد الفعل الامريكي والدولي نحو الصراع في السودان؟

كيف يبدو رد الفعل الأمريكي والدولي نحو الصراع في السودان؟

السفير الدكتور نصر الدين والي

 

الجزء الأول:
‎واشنطن تبدأ في تحريك الملف السوداني.

ما نشهده من ديناميكية لرد الفعل المتسارع للإدارة الامريكية في النصف الثاني من العام الأول للفترة الرئاسية الثانية للرئيس دونالد ترامب، يشير الي توجه واشنطن السياسي نحو إيقاف الحرب في السودان، وذلك من بوابة:
‎١- ضمان إيصال المساعدات الإنسانية،
٢- ومنع مزيد من التدهور الأمني والتهديد للاستقرارالإقليمي،
وذلك عبر مزج بين آلية أمريكية وتعاون وثيق لشركاء وحلفاء واشنطن في المنطقة.

قد يري المتابع بأن ملف السودان، بدأ في التأرجح الإيجابي المضطرد؛ داخل الجهاز التنفيذي، بعد أن كان دفع جهود واشنطن منحصرة بشكل كبير في الجهاز التشريعي.

فالآن، يمسك بملف السودان، أعلي مسؤول أمريكي في السياسة الخارجية الأمريكية، وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، وهو في ذات الوقت يجمع روبيو، بين منصبه ومنصب مستشار الأمن القومي، وهو أمر نادر الحدوث في الولايات المتحدة، مما يمنحه تفويضاً واسعاً، وينضم له كبير مستشاري الرئيس لشؤون أفريقيا والشرق الأوسط.

عدم اغفال الواقع السياسي في السودان:

أعتقد البعض أن إلغاء قمة الرباعية (بسبب إضافة فقرة في مسودة البيان الختامي تقضي برفض أي دور ومستقبل للقوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع في مرحلة الانتقال)، مثّل ضربة قوية، لجهود إحلال السلام في السودان، ولكن على غير ذلك الاعتقاد فقد شكل ذلك الالغاء، أتاحه فرصة ولحظة مهمة لإدارة الرئيس ترامب، لإعادة تقييم أوراقها السياسية، ومكنها من إعادة وضع استراتيجية عملية تستند الي واقع الوضع داخل السودان، يستند الي تقييم واعلاء الدور الذي يمكن أن تلعبه القوات المسلحة كلاعب لا غني عنه في إيقاف الحرب، والتمهيد لخطوات أخري في سبيل إحلال السلام في السودان.

أن انتهاج واشنطن لهذه الاستراتيجية، التي بدأت في الظهور للعلن بشكل دبلوماسي منهجي في شأن التعاطي مع الملف السوداني، يوحي (بالالتفات لأهمية درء وقوع خطأ سياسي تاريخي، من شأنه إعاقة جهودها نحو معالجة الوضع في السودان)، وكذا، تحسبا للتوازن المنشود في عدم وضع تحديات أمام جهود ودور وتعاون شركاءها وحلفائها الاقليمين، الذين تتقاطع وتتشابك مصالحهم أصلافي السودان بفعل الصراع والحرب في السودان.

‎ولعل أبرز ما تجدر الإشارة إليه، في التحرك الإيجابي لبوصلة الإدارة الأمريكية نحو الدفع بجهود جديدة في ملف السودان، هو ممارسة دبلوماسية الأبواب الخلفية، بعقد اجتماعات زيورخ المنفصلة التي جمعت كبير مستشاريالرئيس ترامب لشؤون أفريقيا والشرق الأوسط مسعد بولص، بالفريق أول البرهان قائد القوات المسلحة السودانية، وقائد مليشيا الدعم السريع (كل على حدة)، مما أبرز انتقال واشنطن لخطوة أكثر عملية نحو المحطة السياسية الأبرز، (بالتأسيس علي الاعتراف بالقوات المسلحة وقائدها)، وهي الخطوة التي لربما ستمهد لرسم معالم خارطة طريق عملية وواقعية وذات ومقبولية لإيقاف الحرب في السودان.

وجاء اجتماع زيورخ، ليمثل أول نجاح ملموس للولايات المتحدة، نحو التعاطي البناء مع الوضع في السودان، وهو نجاح ينسب لقيادة وكاريزما الرئيس ترامب؛ في أعقاب انتكاسة الاجتماع الذي مزمعاً عقده في واشنطن لمجموعة الرباعية، الذي كان بسبب إدراج الفقرة آنفة الذكر التي
مثلت إشكالية بين أطراف المجموعة.

‎ولعل نجاح اجتماعات زيورخ، يعود لبحث واشنطن، لتلمس واقع ما يجري في السودان للتأسيس عليه، لاستنباط الوسائل المحتملة لإنهاء الصراع، وتمثل ذلك في عدم إغفال إشراك الفريق البرهان، بما مثل الاعتراف بدور القوات المسلحة السودانية وقدرتها وتحكمها في وقف إطلاق النار، كأفضل الوسائل للتمهيد لإنهاء الحرب والصراع، وبحث سبل عملية للتحول المدني علي أسس الشراكة وليس الاستبعاد.

‎عمليا التفتت الإدارة الأمريكية، لضرورة الاعتراف بدور القوات المسلحة السودانية في إنهاء الصراع، كمحطة مهمة، دونها ستفتقر أي رؤي أو إسهام للولايات المتحدة، والمجتمع الدولي لأسباب نجاحه، وسيكون حرثاً في البحر.

ولهذا فقد يعتبر أن الإدارة الأمريكية، قد حققت أول تطور دبلوماسي لافت، أولا: باجتماعها المباشر في ٢٠ أغسطس الجاري في زيورخ بالفريق أول البرهان.

وثانيا: عبر تحقيق نجاح دبلوماسي لمصلحة سياسة جمع الأطراف الفاعلة في ملف السودان، (بدمج مجموعة الرباعية وتحالف الألبس)، بغية خلق وعاء للتعاطي الأشمل والأكثر فاعلية للصراع في السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى