مقالات كل العرب

13 أوت.. محطة مفصلية في تاريخ المرأة التونسية

13 أوت.. محطة مفصلية في تاريخ المرأة التونسية


أ. رجاء السنوسي

يوافق الثالث عشر من أوت ذكرى صدور مجلة الأحوال الشخصية سنة 1956 وهو تاريخ ارتبط بتحول عميق في مكانة المرأة داخل المجتمع التونسي. هذه المجلة التي وقعها الرئيس الحبيب بورقيبة بحضور شخصيات بارزة من بينها الشيخ محمد الطاهر بن عاشور والمفتي محمد عبد العزيز جعيط جاءت لتضع إطارًا قانونيًا جديدًا للعلاقات الأسرية أبرز ما فيه إلغاء تعدد الزوجات وتحديد سن الزواج وإقرار الطلاق القضائي.

منذ ذلك التاريخ أصبح يوم 13 أوت مناسبة وطنية تُعرف بـ”عيد المرأة” يتم خلالها تقييم ما تحقق من مكاسب ومناقشة التحديات التي ما زالت تواجه مسار المساواة والحقوق. ورغم مرور قرابة سبعة عقود يظل هذا الإنجاز محور جدل بين من يراه نموذجًا تقدميًا في المنطقة العربية ومن يعتبره بحاجة إلى مراجعة وتطوير ليتماشى مع واقع اليوم.

تونس التي احتفت مبكرًا بحقوق المرأة ما تزال أمام رهانات كبرى تتعلق بترسيخ المساواة الفعلية وضمان تمكين المرأة اقتصاديًا وسياسيًا حتى يكتمل المسار الذي انطلق في صيف 1956.

منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية لم يكن حضور المرأة التونسية رمزيًا بل تحوّل إلى واقع ملموس في مختلف المجالات. فقد خطت خطوات واسعة في التعليم وأصبحت نسب التحاق الفتيات بالجامعات من بين الأعلى في العالم العربي وتصدّرت قطاعات مهنية حيوية مثل الطب والمحاماة والهندسة والتعليم العالي.

كما انخرطت في العمل النقابي والجمعياتي وأسهمت في الدفاع عن قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وشاركت في بناء مؤسسات الدولة والمجتمع المدني. وأثبتت التجربة أن مشاركتها لم تكن ترفًا أو مجاملة بل عنصرًا أساسيًا في دفع عجلة التنمية.

في السياسة وصلت المرأة إلى مواقع صنع القرار وتولت حقائب وزارية ومناصب ديبلوماسية وشغلت مقاعد في البرلمان والمجالس المحلية مما عزز صورتها كفاعل رئيسي في الحياة العامة. ومع ذلك ما تزال الأرقام تكشف عن فجوة في التمثيل وهو ما يتطلب سياسات أكثر فاعلية لضمان مشاركة متوازنة بين الجنسين.

عيد المرأة في تونس ليس مجرد استحضار لمكاسب الماضي بل هو دعوة متجددة لمواصلة الإصلاحات ومواجهة التحديات التي تعيق المساواة الحقيقية. فتمكين المرأة اقتصاديًا وحمايتها من العنف وإزالة العراقيل الاجتماعية والثقافية تبقى رهانات حاسمة لضمان استمرار الدور الريادي الذي ميّزها منذ أكثر من ستة عقود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى