في حضرة الوطن.. سوسة تنثر ألوان الفرح

في حضرة الوطن… سوسة تنثر ألوان الفرح
أ. رجاء السنوسي
في ليلة استثنائية، احتفلت سوسة على طريقتها الخاصة بعيد الجمهورية وسط أجواء احتفالية بهيجة وأعداد غفيرة من الجماهير التي غصّت بها شوارع المدينة وشواطئها. شماريخ ملونة أضاءت سماء شط بوجعفر، ضمن فعاليات كرنفال أوسّو في دورته 62التي جاءت هذا العام تحت شعار “أوسّو… بحر وفنون”.
الاحتفال البصري المبهر جسّد مرّة أخرى مكانة هذا المهرجان كرمز صيفي ثابت في ذاكرة التونسيين، حيث تداخلت الأصوات والأضواء لتخلق لحظة جماعية نابضة بروح الوطن والانتماء.
أكثر من 200 ألف شخص توافدوا على الشاطئ في تلك الأمسية في واحد من أكبر التجمعات الجماهيرية التي عرفها المهرجان خلال السنوات الأخيرة ما يعكس ارتباط التونسيين والسواح كذلك بهذا الموعد السنوي الذي يجمع بين المتعة والفن والتقاليد الشعبية.
وقبل لحظة إطلاق الشماريخ، ارتفعت الأصوات من ساحة الاحتفال لتردد النشيد الوطني التونسي في مشهد مؤثر جمع آلاف المواطنين على قلب واحد لحظة صمت خاشعة سبقت الانفجار البصري في السماء، وكأن سوسة أعلنت ولاءها من جديد لتونس… نورًا وصوتًا واحتفالًا.
وعلى بعد خطوات من الشاطئ، كانت ساحة المدن المتوأمة تعيش على إيقاع آخر لا يقلّ حماسًا حيث قدّم الفنان محمد الجلايلي عرضًا موسيقيًا صاخبًا تفاعل معه الجمهور بشكل لافت الأغاني التونسية والأجواء الصاخبة جمعت الناس من كل الأعمار، في مشهد احتفالي عفوي زادته لحظة إطلاق الشماريخ في السماء روعةً وسحرًا، ليكتمل الاحتفال بفرجة سمعية وبصرية تؤكد أن سوسة كانت بحقّ عاصمة الفرح تلك الليلة.
في هذا السياق، صرّح السيد وليد بن حسين رئيس جمعية مهرجان أوسّو، بأن الدورة الحالية سجلت “حضورًا جماهيريًا حطّم الرقم القياسي مؤكدًا أن الكرنفال “عاد إلى مكانته الحقيقية بإشراف وطابع تونسي”. كما شدّد على أهمية أن تكون للفنان التونسي بصمته الواضحة في هذا الموعد، وهو ما عكسته مشاركة عدد من الوجوه الشابة في الساحة الفنية مثل مهدي تفيفحة وإسكندر الزرن… إلى جانب عرض الافتتاح الذي قدمته فرقة محمد علي الجلالي.
هذا الحدث ما كان ليرى النور بهذا الشكل لولا المجهودات المتواصلة من القائمين على التنظيم، وفي مقدمتهم الهيئة المديرة للمهرجان بإشراف السيد وليد بن حسين، فضلًا عن فرق الدعم الفني وعناصر الأمن الوطني، الذين ساهموا في تأمين الأجواء وضمان انسيابية العروض في كنف النظام والفرح الجماعي.
وفي كل دورة، يُثبت مهرجان أوسّو أن سوسة ليست فقط مدينة البحر والسياحة، بل هي مسرح حيّ للتاريخ والفرجة والذاكرة الشعبية.
جوهرة الساحل، التي كانت تُعرف قديمًا باسم “هدروماتوم” و”المحروسة” ما تزال حتى اليوم تُشعّ بحياة لا تُطفأ، وتُجدّد في كل صيف وعدها بالفرح.
ومن لا يعرف سوسة… لا يعرف تونس.