مقالات كل العرب

من دفاتر أمرأة : العلاقة مع الدول

شارك

بقلم حميدة نعنع :

أنا أحب دولة ما بقدر ما هي على حق ولا تعتدي على دولتي. أحب السويد لأنها قبلت ان تعطي المشردين من أبنائنا وطنا يحميهم، أحب ألمانيا لأنها تتمتع بحس عال بحقوق الإنسان ولَم تغلق حدودها دون الهاربين من أوطانهم بسبب العنف والحروب أحب فرنسا (بصرف النظر عن ثقافتها) لأنها أعطتني وطناً أعيش فيه .

العراقيون الذين يتبجحون بحب ايران، إذا لم يكونوا مستفيدين منها، ماديا ومعنويا فهل هو حب مجاني؟
ايران تآمرت على العراق وشاركت في احتلاله واغتالت علمائه وكوادره العسكرية. مرة سألت سياسي إيراني متى ستنتهي الأحقاد بينكم وبين العراق فأجابني: حتى يموت آخر طيار ألقى قذيفة على ايران. نظام متخلف حقود يعيش زمن حرب حصار القلاع في أوربا، وكثيرا ما يراودني السؤال: أين الإسلام الذي يقول النظام الإيراني به؟ بل أين المذهب نفسه وجيش العراق وطياروه كانوا من أبناء الشيعة والسنة. أفكر بالحرب العالمية الثانية والخراب الذي سببته ألمانيا خلال ثلاثة حروب لفرنسا، وكراهية الفرنسيين للألمان. فكرت بالجنرال ديغول يوم استدعى المستشار الألماني أيدن هاور واجتمع به لعدة ساعات بعد أيّام من الحرب العالمية الثانية قائلا له: لا حروب بعد الْيَوْمَ. بيننا.

وكانت النتيجة نواة السوق الأوربية المشتركة وألمانيا عضوا أساسيا فيها. هكذا أنهى الرجال العظماء حروبهم والتفتوا إلى بناء بلدانهم. لم يرسل ديغول. أو تشرشل عملاؤه لاغتيال الطيارين والعلماء الألمان، ولَم يشكلوا ميليشيات فرنسية للتخريب في ألمانيا، ولَم يقيموا الوصاية على شعبها لكي يفرضوا حكاما عملاء لهم، لقد كانت حرب رجال وصلح رجال. بالعكس ساعدوا ألمانيا أن تبني نفسها حتى وحدتها مع انتهاء الحرب الباردة .

بالعكس عملت ايران، منذ نهاية الحرب العراقية الايرانية، وهي تتآمر ليس على العراق الذي جعلت منه تابعا لها بل على العرب جميعا حاملة مذهبا ينتمي للعصور الوسطى محاولة عبره ايقاظ الفتن المذهبية. تجهد نفسها كي تمتلك سلاحا ذرياً ليس ضد اسرائيل بالتأكيد لان ليس هناك من يسمح لها بضرب اسرائيل. أنها تريد السلاح النووي لامتلاك الكعبة كما يصرح بذلك عملاؤها في اليمن ، وعلى العرب ان ينتظروا خلوة آية الله مع المهدي المنتظر ليتقرر مصيرهم.

النظام الإيراني عدو شعوبه أولاً، الكل يعرف ان هذه الشعوب من غير الفرس لا تملك حقوقها ومثال على ذلك عرب الأحواز. الأحواز العربية التي منحها الإنكليز لوالد شاه ايران سايس الخيل رضا بهلول مقابل السيطرة على النفط، وما زال أحفاد الشيخ خزعل يعيشون ويعرفون المؤامرة التي اغتصبت من خلالها تلك الأراضي سكانا وجغرافيا تحت الاحتلال الإيراني. وثلاثة جزر اماراتية تحت الاحتلال الإيراني إضافة، شط العرب تحت الاحتلال الإيراني

الوظيفة الاستراتيجية لايران منذ الحرب العالمية الثانية لم تتبدل. كانت حاجزا في وجه الشيوعية وشرطي الخليج وأصبحت قائدة الاٍرهاب الطائفي الذي يهدد روسيا باسم الدين (وروسيا تدرك ذلك) وشرطي الخليج كما كانت وظيفتها ايّام الشاه لكن بأحلام توسعية. الخميني كان يحلم ببناء امبراطورية فارسية يضم العرب تحت لوائها وهو كان لايدري ان زمن الإمبراطوريات انتهى. وجاء خليفته يحمل نفس المشروع مستخدما العراق العظيم الذي له أفضال على ايران أهمها الدين مستخدما إياه حصان طروادة.

استغرب عندما اقرأ تعليقات البعض عن حبهم وغرامهم في ايران من العرب. ايران تعتبر بطموحاتها الحالية عدوة الأمة العربية حتى يزول هذا النظام المتخلف التوسعي، الذي يشعل لنا الحروب هنا وهناك حتى جعل من المشرق العربي بركانا.

نحن نريد ايران بلدا يحسّن التعاون مع محيطه لبناء المنطقة وتعزيز قدراتها لكي نكون قوة نسطيع الدفاع عن أنفسنا ومصالحنا وليس بيننا وبين الشعوب الإيرانية أي حقد أو كراهية ففي النهاية نحن أبناء حضارة واحدة، هي تلك الحضارة التي أبدعها هذا الشرق العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى